الاتحاد والخيارات الثلاثة:

أولا لست مؤهلا لتقديم النصح للاتحاد العام التونسي للشغل، فللمنظمة قيادات وخبراء ومستشارين قادرين على ضبط ما يرونه صالحا، لكن بحكم ان المنظمة كانت مدرستي النضالية، عرفت فيها نقابيات ونقابيين افذاذ ولا زلت احتفظ بصداقة العديد منهم، وبحكم قناعتي ان الاتحاد يمكن ان يلعب دورا محوريا في هذه الفترة المفصلية، فإنني اسوق الملاحظات التالية بكل لطف:

- لقد تبيّن بكل وضوح ان السيد قيس سعيد ماض في طريقه لوحده، لا يريد النصح من أحد وليس مستعدا ان يشرك في مساره أي كان، ولا يقبل باي حوار خارج دائرة تصوراته.

- ان كل المساندين لإجراءاته الأولى قد حشروا أنفسهم في دائرة تصوراته وساروا على خطاه (على مضض أحيانا) وتحملوا أحيانا التجاوزات العديدة التي رافقت دربه، فلا هم تمكنوا من التأثير عليه ولا هم استطاعوا ان يوقفوا قطار تدابيره، ولا هم حسموا أيضا امرهم معه، خشية الالتحاق بجبهة الرفض التي لهم عديد التحفظات عليها،

وهذه الثنائية (مع 25 جويلية او ضده) قد قسّمت النخب السياسية والمدنية واضرت بالبلاد واستفادت منها الشعبوية الساعية دوما للتجزئة والتقسيم والاستعداء.

واليوم وقد تبيّن ان الاتحاد، رغم مساندته النقدية ودعواته المتكررة للحوار، لم يخرج من دائرة الاستهداف، فعليه ان يختار بين ان يستمر في تصعيد الخطاب حينا والتهدئة أحيانا، مما يضر حتما بمصداقيته وقدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة،

أو ان يلتزم برؤية نقابية دفاعية ضيّقة، وهو ما لا يتناسب مع حجمه وتاريخه ودوره الوطني، بل وقد يعرضه هو للاستفراد ولارتدادات تعصف به.

او ان يحدد بوصلته بوضوح ويرسم خريطة طريق بكافة تفرعاتها (النقابية والسياسية والحقوقية)، ويجمع معه كل من له مصلحة في انقاذ البلاد من خطر يداهمنا يوما بعد يوم، وبذلك يستعيد زمام المبادرة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات