في مثل هذا اليوم قبل عام.. توجه أعضاء من المجلس الأعلى للقضاء وموظفيه لمقر عملهم، كان يوم الإثنين أي في بداية الأسبوع، ليجدوا أعوان الأمن يمنعونهم من الدخول بالقوة.. لماذا؟ تعليمات وزير الداخلية.. الذي ينفذ أمرا شفاهيا من رئيس الدولة.. والذي كان قبل يومين (السبت 5 فيفري) أعلن من مقر وزارة الداخلية محاطا بقيادات أمنية حل المجلس.. حل شفاهي.. ولم يصدر حتى الأمر في الرائد الرسمي إلا بعد أسبوع.
وزارة الداخلية المتغوّلة بعد 3 أشهر لا تكتفي بتأمين غلق المقر.. تعود لتقوم بعملية تصفية عدد من القضاة "غير المتعاونين" مع أجهزتها.. قضاة في زغوان وغيرها.. مساعدين أول في قطب مكافحة الإرهاب.. وشايات أمنية توجهت لقصر قرطاج استقصدت رجلا يتعامل مع التقارير الأمنية كأنها صدق الله العظيم.. جيوب أمنية تريد قضاة في النيابة "تأذن" فقط كالإذن بمداهمات مجانية باسم التوقي وتريد قضاة تأخذ بجد بمحاضر فارغة لا يمكن التعويل عليها لأي عمل قضائي.
على فكرة.. لم يكن أداء المجلس الأعلى للقضاء في المستوى المنتظر في عدة مستويات.. كان مؤسسة شبيهة بالمؤسسات المصاحبة للتأسيس الديمقراطي: قوى إصلاح وقوى ردّة.. توازنات ومسار إصلاحي بطيء.. ولكن تلك طبيعة أي إصلاح من داخل المؤسسات في مسار انتقال ديمقراطي.. لكن يبقى المجلس مكسب وتجربة ولايته الأولى غير المكتملة كان يمكن البناء عليها لمواصلة معركة الإصلاح..
جاء رجل أوقف القطار من سكته التي اخترناها في دستور 2014.. ليضع سكة جديدة من محطاتها: أعوان في الداخلية يقيلون قضاة.. نعم وببساطة.. نحن في زمن المسخ.