الشارع الديمقراطي الذي اعتبر 25 جويلية انقلابا على الدستور والمؤسسات المنتخبة وتموقع في معارضته او مقاومته سياسيا بمبادرة واضحة وجمل دقيقة ووجوه معلومة السيرة سياسيا هو شارع مواطنون ضد الانقلاب ثم جبهة الخلاص والتي ضمت ابان تأسيسها في الربيع الفارط سياسيين مستقلين معروفين تاريخيا وترأسها السياسي الديمقراطي المعروف الاستاذ نجيب الشابي وضمت أحزابا معروفة اكبرها حركة النهضة و التي كان مناضلوها ومناضلاتها كما هو معلوم العمود الفقري لجماهير الشارع الديمقراطي في فترة مواطنون وفي فترة الجبهة.
كما ضمت جبهة الخلاص ايضا ائتلاف الكرامة وقلب تونس وحزب حراك تونس الارادة ثم حزب العمل والانجاز بعد تشكله . وقد ظل المكون المواطني الرئيسي مواطنون ضد الانقلاب حاضرا في الجبهة فعليا بعدد من مؤسسيه او معنويا بتحول مؤسسين اخرين له ومنهم محدثكم الى صفوف الجماهير و القواعد مساندين لها يسلمون بقيادتها للشارع الديمقراطي الذي نتشرف بالانتماء اليه في مناهضة الانقلاب .
يعلم الجميع منذ لحظة مواطنون ضد الانقلاب انه كانت هناك رغبة دائمة من بعض مناضلي الشارع الديمقراطي وعدد من قياداته للانفتاح والتوسع الى الخماسي الحزبي الذي اجتمع في معارضة الاستفتاء ثم طور مواقفه الى مقاومة الانقلاب ولكن هذا الانفتاح لم ينجح نظرا لرفض عدد من احزاب الخماسي التنسيق السياسي مع مواطنون ثم مع جبهة الخلاص لأنها تضم النهضة والاحزاب التي لا تتفق معها ايديولوجيا بعض احزاب الخماسي ونظرا لتمسك مواطنون ثم الجبهة بأرضية دستور 2014 ومخرجات الانتخابات الشرعية 2019 وعلى رأسها المؤسسة الاصلية البرلمان المغلق بالمدرعة ونظرا لرغبة بعض احزاب الخماسي وعدد من الشخصيات المستقلة فيه النأي بأنفسهم عما يسمونه بالعشرية الفاشلة وتحميل النهضة مسؤوليتها وهو ما كان يرفضه مواطنون ضد الانقلاب بمكوناتها المختلفة ثم واصلت رفضه منطقيا جبهة الخلاص التي تشكلت بنفس المكونات باعتبار ان كل تقييم للعشرية يجب ان يكون على قاعدة التحليل المركب للوضع المعقد وعلى قاعدة اعتبار ان المعركة الرئيسية هي مع الانقلاب لا مع عشرية الانتقال الديمقراطي.
هذا الاختلاف بين مكوني الساحة التي تعتبر 25 جويلية انقلابا ( الجبهة والخماسي ) لم يفسد على العموم للود قضية بين الطرفين وخصوصا في ظل الديناميكية والتطور الدائم لمواقف المكونات لدى هذين الطرفين.
استقالة الاستاذين غازي الشواشي و محمد الحامدي وعدد من رفاقهما من حزب التيار الديمقراطي والسقف الديمقراطي الواقعي والبراغماتي الذي كان يتصرف به الحزب الجمهوري بقيادة الاستاذ عصام الشابي ورفيقيه التاريخيين في البي دي بي سي المولدي الفاهم والدكتور عبد اللطيف الهرماسي اعطى باستمرار للساحة المناهضة للانقلاب فرصة الأمل لتطوير ارضيات الالتقاء بين الشارع الديمقراطي الذي تقوده جبهة الخلاص و القوى المحمولة على ما يسمى بالعائلة الديمقراطية الاجتماعية من سي غازي ومحمد الحامدي الى الحزب الجمهوري وقد دخلت ايضا ربما في هذا الاطار المبادرة التي تحدث عنها ايضا سي غازي منذ اسابيع رغم اننا لا نعرف الى حد الان مصيرها وتفاصيلها ويبقى املنا ان تدعم ديناميكية التقارب .
الندوتان اللتان ساهمنا بعقدهما منذ اسابيع كمواطنين ومواطنات مستقلين ومضادين للانقلاب ومؤسسين سابقين لمبادرة "م ضد الانقلاب " اتاحتا ايضا فرصة تجديد التقارب مع شخصيات وطنية مستقلة من مشارب فكرية وسياسية مختلفة من اجل امكانية عقد لقاء حوار وطني بين القوى المناهضة للانقلاب والمجتمعة على التمسك بدستور 2014 ومؤسسات الانتقال الديمقراطي المغدور كما اقترح ذلك مشكورا في مداخلته الاستاذ عصام الشابي وقد تحمسنا لهذا المقترح وعبرنا عن استعدادنا لدعمه.
اذكر ايضا الجهد الذي بذله الصديق الدكتور خالد شوكات ندوات المصير الديمقراطي التي عقدها في الشهرين الماضيين المعهد العربي للديمقراطية وشاركنا فيها بكل حماس وتعاون والتي يمكن استثمار ادبياتها ومخرجاتها في تطوير صيغ الالتقاء لمناهضة الانقلاب وبناء البديل الديمقراطي للانقاذ السياسي والاقتصادي للبلاد .
لماذا اذكر بهذه البديهيات والوقائع ؟
اولا : للتذكير بقناعتنا الراسخة -وهي وجهة نظر تحتمل من يعارضها - اننا نعتبر جبهة الخلاص سليلة مبادرة مواطنون تبقى العنوان الرئيسي للشارع الديمقراطي المقاوم للانقلاب باعتبارهذا المكون الوطني الأهم وشارعه الأكبر هو اول من دشن المقاومة السلمية والعلنية للانقلاب بالجملة الواضحة والوجه المكشوف والقرار الوطني في الساحة العمومية .
ثانيا : ان معارضة الانقلاب وبناء مبادرات معارضته تبقى عملا علنيا ينجز فوق الارض وتحت الشمس بقوى وطنية مؤمنة بالديمقراطية واستقلال القرار الوطني ومنتصرة بلا تردد لدستور 2014 ومؤسسات الشرعية الانتخابية وعلى رأسها البرلمان وان كل مجهودات موازية تبقى لدعم التفاوض العلني في الساحة العمومية بين الناس ومعهم وليس من مصلحة الحركة الديمقراطية ان تحول فعلها الى اي شكل من اشكال السرية او الاخفاء او باعتماد الاسماء الشخصية خارج العناوين السياسية الواضحة احزابا وجبهات وائتلافات اذ ان مثل هذه الممارسات ستجعل القيمة الرمزية الشريفة لما راكمته سنة ونصف من مقاومة الانقلاب مهددة بالاهتزاز بعد دخول عدد من الانتهازيين والمطرودين من مركب الانقلاب على خط المزايدة الثورجية وصناعة مبادرات "الانقاذ" في اطار صراع اجنحة السيستام واللوبيات والقوى الدولية المتنازعة.
نذكر برؤيتنا هذه لنثبت عنوان معركة الشرف والفروسية بين الديمقراطية والانقلاب بماهي معركة واضحة علنية وطنية متجذرة في قرارها الوطني المستقل بين الناس وفي الساحة العمومية ... ولنقول ان كل انحراف بهذه المعركة ليجعلها بعض المحمولين على خط مقاومة الانقلاب بغبائه الحركي او لتجعلها السلطة بمناورتها الى معركة بين سلطة وغرف مؤامرات لن يكون سوى محاولات تزييف لن تنطلي على مناضلي ومناضلات الشارع الديمقراطي ولن يتحملوا اصلا مسؤوليتها وسيكونون قادرين باستمرار على كشفها وفرز انفسهم عنها ..