يسلمني فجر واعد إلى صبح جميل فأضحي نشطا تحت شمس واضحة تشتد الشمس فوق هامتي فأجد النار في قلبي فابحث عن ماء لأبترد وأقول الماء الوطن لا ماء في صحرائي ولا سحاب يظللني ويضللني وهمي بظل ظليل فأسير تحت الشمس نحو حريق أجد أثره على أديمي فأمعن في الوهم إن ظلا في الطريق يكون خاتمة ليومي لكن الليل لا يخلف موعده فأتعزى بالموسيقى والترهات حتى يحين موعد نومي فاستسلم وانتظر فجري الواعد ..فيسلمني إلى صبحي فاضحي والشمس في مواعيدها الحارقة.
ما أزال تحت الشمس ووعد الظل ولا ماء في صحرائي فاختلق لي طريقا للتعزية وأقول الوطن فأنا وعده القادم والوطن لا أثر له إلا في كراسات الطفولة الحمقاء يوم كان أبي يعلمني الوطن والرجولة. غادر أبي مرابعنا إلى جنة اختلقناها وعشنا بها ردحا طويلا ولا ندري الآن ما صحة ما اختلقنا إلا أن الوعي بالوهم بعد نهايته أشد على القلب من شموس الصحراء التي شهدت ميلاد الأوهام العظيمة.
حرائق الشمس على هامتي قالت الوطن سير خلف أفكار الآخرين والآخرون وهم جماعة لم تكن. ما تلك الأفجار الباهرة إلا اصطناع وما تلك الأصباح الرشيقة إلا تأبيد وهم حياة في جماعة وذلك الضحى الوضاح ليس إلا خطوة أخرى في التيه الذي يكتمل بالحريق قبل هجوم الليل وأوجاع الظهر.
كانت دلائل كثيرة تشير إلى قفر الطريق فوضوح الشمس تيه يولد السراب. في السراب نصنع الأوطان لنتنفس رب شمس تدلنا على السراب فنعي، ولكن الفراغ الذي يطل خلف الوهم ينهي الأفجار الباهرة فنقوم بظهر مكسور وعين دامعة من قذى التبغ والخمر والكتب الصفيقة. أفجار من الندم المحرق تترى وأوهام صباحات يسبق ليلها ضحاها.
عندما يحين السؤال عن الجدوى نفقد الكلمات. لا نعود ولا نقيم أو لا نموت ولا نحيا أو نعيش كأننا نصنع الحياة لكن الحياة في مكان آخر. المكان الآخر ليس الوطن. ما جدوى امتهان القلب من أجل الشحوم التي تجاروني وتزعم الانتماء وتزايد على حرائق قلبي حتى تتهمني بالخيانة؟ أنا لم أخن أحدا لكن هامتي اشتعلت شيبا وخيبة ولم يبرد النبيذ قلبي تحت تلك الشمس الفاجرة تلك الشحوم فجرت في دمي فأحرقت روحي بكسل أرواحها ومتى كانت للشحوم روح .
أين الخلاص والحريق شب في حتى ترمدت فأنا الرماد في ظاهر وجهي وفي باطني الذي يزين أصباحه بوهم الوطن ليبلغ الليل الموالي ويتحسس أوجاع الظهر ويمسح قذى العينين المرهقتين.
بلاد لم تبلغ أن تكون وطنا، بلاد أخاف أن استفيق في فجرها وارتعب إذا أشرقت علي شموسها تلك الأفجار كاذبة فالشمس تمر من هنا تحت ضغط الواجب الطبيعي وأنا أدركت الحقيقة بعد نفاد المسرة. البلاد التي تحول الحياة إلى واجب لا فجر لها ولا صبح ولا ضحى إنما أوجاع في كومات من رماد. بلد كثير الرماد ولا ندى.
كنت توقظني من غفوات الأطفال لتنقذني من ذلة التجار ولم تر أنك تسلمني إلى انحطاط المتعلمين. وكان مبلغ علمك من الدنيا أن الرجل بلا وطن قطعة حبل يحملها سيل. سلام على روحك يا أبي حيث أنت تراني بلا فجر ولا وطن.