ذهبت تحتجّ أمام نقابة الصّحفيين ،ظاهر الأمر أنّها تحتجّ على الصّورة النّصفيّة:نصفها، هي، ونصفها الآخر، بن علي. وتلك حقيقة ،لا تنكرها، فهي سليلة التّجمّع ونظام الحزب الواحد، الذي لم يؤمن يوما واحدا بحرّيّة الصّحافة، ولاحق كلّ قلم حرّ. وهي التي علّقت من "فراش وعكتها"،وما أكثر وعكاتها!! موجّهة كلامها لمن اخرج الصّورة، بأنّ بن علي "يشرّفكم ويعرّفكم"!! فما الذي أزعجعها في الأمر إذا؟ ثمّ ما الذي جعل نقابة الصّحفيين، تنزّل تلك الصّورة ؟هل اكتشفت الآن أنّها خطر على حرّيّة الصّحافة؟وقال آخر، قد لا يكون من نقابة الصّحفيين بأنّها خطر على المجتمع.
الإجابة على مثل هذه الأسئلة، تتوضّح بالمشهد الثّاني ،وهي تنقل احتجاجها أمام الخيمة وفي نفس الشّارع ،بروح من يبحث عن فضيحة بأيّ ثمن متّهمة قادة الخيمة بالتّخاذل ، ليس للأمر علاقة، لا بالوضع الإجتماعي ولا الإقتصادي، ولا بخذلان نقابة الثّانوي للمربّين(كما زعم العماري في منبر التّنكيل بالحقيقة).
إنّها تصفية حسابات مع شركاء الأمس ولتلفت الأنظار إليها على طريقتها الخاصّة في الشّعبويّة المقزّزة، بأنّها الوحيدة في السّاحة الآن، بعد تراجع الأحزاب وخفوت صوتها، كما جاء على لسان "لعماري"، الذي لا يفوّت فرصة دون الإشادة بها وبحزبها. وقد منحها صكّا في حرّيّة الإحتجاج متى تريد وأمام من تريد وكأنّ التّجمّع "مدرسة النّشأة والتّكوين" ،كان يسمح بحرّيّة الإحتجاج. لاشيء مقدّس أمامها، لا نقابة الصّحفيين ولا الخيمة، ولا البرلمان من قبل ، فكلّ ماتفعله "حلال في حلال"!! لقد كان ومازال ذراعها الإعلامي.
العركة "ثلاثيّة الابعاد" بين قديم فاشي، ونقابة الصّحفيين والخيمة، عركة منطلقاتها غير ديمقراطية وبآفاق غير ديمقراطيّة أيضا. عمل ثلاثتهم، كلّ من موقعه على إعاقة الإنتقال الدّيمقراطي، حيث لم يحدث ان انفجر بينهم خلاف بهذا الشّكل، ولم يسبق أن لسّن طرف علي آخر، عملا بمقولة" العجل ما يصكّش أمّو".
الإتّفاق ،كان على غلق قوس الثّورة في تونس بأيّ شكل، ثمّ لكلّ حادث حديث. الخيمة تريد اصطفافا وراءها، الزّغراطة تريد أيضا اصطفافا وراءها لتتسلّم قيادة البلاد، فهي من جهة الوريث الشّرعي للتّجمّع ومن جهة ثانية صاحبة اليد الطّولي في بالدفع بترذيل الثٍورة وانتقالها الدّيمقراطي إلى أبعد مدى، وقد كان لها ذلك. أمّا نقابة الصّحفيين، فتريدها "يساريّة خالصة"، لا "تجمّعيّة ولا خوانجيّة"...ديمقراطيّة قاصرة على "العائلة النّمطيّة" ولا بأس بتطعيمها بعناصر تجمّعيّة، لكن من دون فاشيّة ظاهرة للعيان.