الصمت الذي يسود أروقة الاتحاد العام التونسي للشغل الآن، لم يحدث له مثيل منذ ما قبل الثورة. نعم منذ ما قبل الثورة، لم يصمت الاتحاد حتى وهو في أصعب مراحله، وعندما تصمت البيروقراطية المركزية أو تخضع للابتزاز وللضغط، كانت القواعد تتحرك على الأقل ضد البيروقراطية.
أما هذه المرة، فإن الصمت مطبق، كمن تعرض لضربة عنيفة من الداخل. وهذه الضربة القاصمة جاءت من جهة نقابة التعليم الثانوي، النقابة الأكثر امتدادا والأكثر حيوية في الاتحاد، يسفر تحركها الذي امتد سنة عن مثل ما تمخض عنه الجبل.
بمعنى أن القيادة النقابية ضحت بالقطاع في سبيل موقفها الحزبي، القيادات النقابية الدستورية نفسها لم تصل إلى ما وصلت إليه هذه القيادة "القومية العربية".
نتذكر في 78 عندما استقال النقابيون الدساترة من اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري واستقال الحبيب عاشور من الديوان السياسي، مصطفين إلى جانب القاعدة النقابية، مفضلين السجون، أما هذه المرة فإن عناصر حركة الشعب اصطفوا إلى جانب حزبهم دون الاهتمام بالقواعد النقابية. وهو ما شكل ضربة في العمق للاتحاد، قد لا يفيق منها إلا بعد فوات الأوان.