هذه الأحكام القاسية في حق معتقلي الرأي والمناضلين السياسيين مصدرها الثقة العمياء في تواطؤ الخارج مع النظام السياسي المتسلط و الخوف الهستيري من الشعب و من وعيه السياسي المدرك لضرورة التغيير الديمقراطي في البلاد .
الحكم بالسجن 7سنوات حبس منها 5 نافذة في حق الصحفي احسان قاضي جاءت مرة أخرى لتؤكد أن النظام لا يريد لا الحوار ، ولا التهدئة ، ولا الانتخابات ، ولا التعددية العرجاء التي عشناها منذ 1988 لتضفي عليه شيء من القبول الشعبي ، ولا مرشحا توافقيا يستقطب به الشعب للمشاركة في رئاسياته المقبلة ، ولا أحزاب سياسية تعارض أو تلعب دور المعارض ، ولا صحافة ، ولا نقابات ، و لا أية تسوية تخفف الضغط على الشعب وعلى المناضلين .
النظام يريد إلغاء مرحلة ما بعد 22فبراير 2019 و تأمين مستقبله بإلغاء السياسة من أدمغتنا، واجتثاثها بالقوة والقهر والترهيب والتيئيس و التدليس والتحريف . عبد المجيد تبون يتمنى في موسكو أن تعيش البشرية في سلام و يحرم شعب الجزائر من السلام في وطنه.
التحول الديمقراطي مسألة سيادية في الجزائر لا علاقة له بأية مصلحة خارجية أو تأثير خارجي . على المطلب الديمقراطي أن يطرح بحدة وجذرية مسألة التكريس الكامل والشامل للسيادة الوطنية على جميع الأصعدة -السياسية و الاقتصادية والايديولوجية/الثقافية - بحيث تصبح الديمقراطية، ودولة الحق والقانون و المواطنة و حقوق الإنسان ، والازدهار الاقتصادي والخروج من التخلف والتبعية ، والعدالة الاجتماعية والخروج من الفقر المادي والمعنوي المفروض على فئات عريضة من الشعب ، من تجليات الاستقلال الوطني ضد الاستعمار الجديد néocolonialisme ، كما كان سابقا انتصار ثورة نوفمبر هزيمة نهائية وبصورة جذرية للإستعمار القديم colonialisme .
أوروبا والدول القوية شرقا وغربا من امريكا إلى غاية الصين وحتى روسيا ، التي تعتاش من تخلفنا السياسي والاقتصادي ، لا رغبة لها في وجود دولة جزائرية ديمقراطية قوية تحقق التماسك الحقيقي لجبهتها الداخلية ، وبالتالي الاستقرار اللازم لخوض حرب التقدم وإعادة التفاوض من موقع مريح على دور الجزائر ومكانتها في هذا العالم الذي يريد الكبار لوحدهم التحكم في مصيره .
لا يجب أن نخوض معركة التحرير الثاني ضد الاستبداد الداخلي وضد ما يفرضه علينا هذا العالم من تخلف بتبني بعض الأطروحات السياسية الساذجة التي ترى في الضغط الخارجي على النظام الحالي من بعض الدول القوية التي تمارس فيها الديمقراطية عاملا مساعدا على التغيير الديمقراطي في الجزائر ! الضغط إذا ما مورس على النظام فلن يمارس إلا من موقع بحث هذه الدول على تأمين مصالحها و تضخيمها . فأحسن وسيلة لتحقيق هذه الغاية من قبل هذه الدول هو التفاوض مع أنظمة معزولة شعبيا ، و بالتالي ضعيفة سياسيا غير قادرة على مقاومة الضغوطات الخارجية ، لأن استقرارها يأتي من هذا الخارج.
فإذا ما سمعنا بإتحاد أوروبي أوسفارة دولة ما تقوم بالتنديد بالإنتهاكات الممارسة على الجزائريين ، فلنعلم علم اليقين أنها تصعد لتحسين مواقعها داخل علاقات الهيمنة المفروضة على الجزائر سجينة هذا النظام الضعيف أمامها ، وأنها لا تبحث على قلب ميزان القوة السياسي لصالح الشعب الجزائري ومطلب التغيير الديمقراطي الذي بالضرورة إن تحقق فسيفكك علاقات الهيمنة هذه ، و يضع الجزائر في موقع الند .
مصير الجزائر يصنعه شعبها وكل الوطنيين الحقيقيين الذي فهموا أن الطريق الوحيد لوضع الجزائر في سكة التقدم والتحرر والديمقراطية، يمر بالعودة إلى أصالتها التي تجلت في صورتها الاكثر نقاء أثناء معجزة ثورة التحرير .
مكة الثوار قادرة على أن تصبح مكة الديمقراطيين ؛ ولم يبق إلا أن نتجاوز عقبة هذا النظام العاجز و المنتهية صلاحيته لتصبح الجزائر كما كانت عنصرا فعالا في تحريك عجلة التاريخ الإنساني .
الحرية للمعتقلين
الخلود للشهداء
المجد لهذا الشعب
وتحيا الجزائر