كلما طرحت مسألة سيطرة السلطة على الاعلام تمت الاشارة الى النهضة وربما المرزوقي وانهما ايضا حاولا ذلك. كغيرهم ممن يمسك بالسلطة …
وفي نفس السياق يتم الاشارة الى " شارع الثورة " الذي اخترع مفهوم اعلام العار ....ليقال في الاخير: "بكلهم كيف كيف ...يريدون السيطرة على اعلام " مهني " ناضل من اجل حريته " ....
هذا طبعا ليس صحيحا ....الاعلام التونسي في السنوات الاولى من الثورة وبعد انتخابات 2011 لم يرفض هيمنة الترويكا لأنه حر ومهني ولم ينتصر على هذه الهيمنة لأنه موضوعي ...بل لانه كان محكوما بسيطرة اليسار التجمعي الوظيفي وكان عنوان المرحلة في ذلك الوقت : وحدة الجميع وراء القديم المالي والسياسي لإسقاط الخوانجية والمرزوقي.
من المؤكد ان النهضة كحزب حاولت التأثير في الاعلام بل واستجابت في البداية لشعار قواعد الشارع الثوري لبناء اعلام بديل وهو مطلب معقول بعد ثورة ولكنها لم تفلح في ذلك فالتجأت الى محاولة استرضاء الاعلام السائد بطرق خاطئة فأذلها هذا الاعلام كما هو معلوم على امتداد العشرية ( انظر تصريح لطفي العماري حول دوره هو وبوغلاب واخرين في اسقاط النهضة ) ...المرزوقي لم يكن له سياسة اعلامية اصلا وكان تعامل الاعلام التونسي معه وهو رئيس من اغرب ما عرفه التاريخ البشري فعلا …
الاعلام التونسي لم ينفتح نسبيا على صوت الثورة الا بعد ان اصبح الوضع مفضوحا بعد الخمس سنوات الاولى من الثورة والتي كان فيها معاديا بشكل فج للانتقال الديمقراطي ومعارضا لنتائج الانتخابات بشكل تجمعي استئصالي مفضوح لم يعد يستسيغه طيف واسع من الجمهور الذي كان لا يزال ميالا الى الثورة قبل ان ينجح هذا الاعلام في تزييف وعيه....
بدا التنوع يقتحم الاعلام بعد تصدع منظومة المضادة وبداية الانشقاقات داخل الكارتيل الوظيفي اليساروتجمعي اثر خلافات النداء وصراعات داخل اليسار وانقسام التجمعيين والدساترة الى قابلين بالانتقال الديمقراطي ورافضين له وبداية تنافس القنوات على تقديم اعلام متوازن نسبيا ..
لا ننكر ايضا جهد اعلاميين شبان من انصار الثورة كان فيهم يساريون او اسلاميون ولكنهم تمكنوا من نيل صفتهم الصحفية ولم يعد احد يقدر على هرسلتهم. او ابتزازهم و اصبحوا يتجرؤون على اباطرة اليسار التجمعي الوظيفي ليقدموا اعلاما متوازنا في الفترة الممتدة من 2014 حتى 25 جويلية ...
هؤلاء. الشباب والشابات هم من ساهموا في افراز النقابة الحالية للصحفيين وضخوا دما جديدا فيها من اجل اعلام مهني حر يقطع مع وصاية التجمع اليساري الوظيفي قبل ان تعود النقابة الى خيار الركون الى الانقلاب وممارسة بعض اعضائها لخطاب الاستئصال ومعاداة الخوانجية مباشرة بعد 25 كشكل من اشكال التقية حتى يحموا انفسهم رغم ان الكثير منهم في قرارة انفسهم كانوا على علاقة جيدة بالنهضة وفيهم من هو من انصار المرزوقي سابقا ومن المنتظر ان يعود كثير منهم الى النضال من اجل استقلالية الاعلام لان معركة الاستقلالية الحقيقية هي الان وليس المعركة السابقة ...سابقا ما كان ثمة حد يحب يقعد وينجم يقعد مسيطر الإعلام... كان التجمع اليساروظيفي ....
مصور قرطاج ... عواطف الحائرة …
ظهرت هذه الصورة وبهذه الملامح بين مرتين او أكثر في عملية المونتاج الممنهجة . والمقصود ان تظهر عواطف بهذه المشاعر المختلطة ....
تعابير الوجه يختلط فيها الخوف والاحساس بالعجز لكن الغالب عليها هو شعور واضح بالحيرة : ما هو المطلوب ؟ شنوة نعملو ؟ ..الحيرة فعلا مشروعة : فهمت " العمومية " منذ صباح 26 جويلية 2021 (او ارادت ان تفهم بشكل متسرع ) أن المطلوب منها ان تعود بنفسجية على انغام تونس 7 كما كانت قبل 14 جانفي 2011 بعد أن ظلت خليطا من تجمع على يسار وظيفي استئصالي على امتداد العشرية .
كان في تقدير " العمومية " (بكل بساطة سطحية او في تحليل اوتوماتيكي فج او في محاولة للتوجيه ) ان 25 جويلية اغلاق لقوس العشرية ، فهو اذن (او يجب ان يكون) تجمعيا نوفمبريا في خطه الغالب والسائد مع بعض زينة من يسار وظيفي رث منخرط في " المسار " على ان لا يكون متحزبا .
كان الامر مقبولا ( مسكوتا عنه) في السنتين الاوليين حيث تم الاستثمار في تلبية غرائز اليسراوية التجمعية باستهداف الاسلام السياسي و" عشرية النهضة " ليتفنن في ذلك كرونيكورات تونس 7 و"مؤرخوها" و" مثقفوها " الذين تم انتقاؤهم من منتخب " الاستئصال" و"التطبيل" النوفمبري….لكن ما لم تفهمه العمومية البنفسجية ان مرحلة اخرى يجب ان تبدا في علاقة بالهوية الحقيقية ل" مسار " 25 القيسي ….وهذا يلزمه " حضور بديهة " …ريفلاكس …لم يتوفر …فكانت الحيرة …