لقد شاهدنا بأم أعيننا رئيس الحكومة و وزير التربية و استمعنا جيدًا للكلمات المتبادلة بينهما خلال زيارة مدرسة بمناسبة انطلاق العام الدراسي الجديد وهما يمجّدان رئيس الجمهورية و يتنافسان في مدحه حتى قال أحدهم أنّ هذا الأخير لا مثيل له (ما كيفو حد)..
كان المشهد روتينيًا معتادًا لا جديد فيه و لا خير يرجى منه ككل سنةً و لكنّ وقع الكلمات كان صادمًا يذكرنا بأيام خلناها ولّت بلا رجعة. هكذا يصير الابتذال في مدح الرئيس موضوع الحديث و يترك الحدث الأهم (العودة المدرسية) جانبًا.
لقد كانت فرصة جيدة لتذكير الجميع بأنّ أوّل آي القرآن هي "اقرأ" فأمة لا تقرأ لن تنتج شيئًا لا علمًا و لا معرفة و لا عقولًا مدبرة.
لقد كانت الفرصة سانحةً للحديث عن أهمية طلب العلم و تشجيع الطلاب والطالبات على الإجتهاد في تحصيل المعرفة و حثّهم على بذل كل ما في وسعهم للتعلم و و تنبيههم إلى حسن استغلال فترة الشباب والصغر في كسب المعارف والعلوم كما قيل "العلم في الصغر كالنقش على الحجر " و كما قال الشافعي رحمه الله "و من فاته التعليم وقت شبابه، فكبّر عليه أربعًا لوفاته".
لقد كانت مناسبةً للتذكير بأهمية دور الإطارات التربوية من معلمين و أساتذة و مديرين و كل المتداخلين في مجال التربية والتعليم لشكرهم على على ما يقومون به من تعليم أبنائنا و نقل المعرفة من أجل تكوين جيل الغد. و في نفس الوقت، حثهم على القيام بالدور الموكول لهم على أحسن وجه و بذل المزيد من العطاء لأداء هاته الرسالة على أكمل وجه كما قال أحمد شوقي "كاد المعلم أن يكون رسولا".
لقد كانت مناسبة لتقديم رؤية الدولة لهذا القطاع الحيوي الأساسي في بناء المجتمعات و إيلائه الأهمية الكبرى لتلافي المشكلات التي ما انفكت تتكرر خلال السنوات الاخيرة و تحفيز الجميع لإنجاح السنة الدراسية فغياب التعليم هو حضور الجهل و تدني مستوى التعليم هو تنامي التخلف.
لقد كانت فرصة للقول بأن مسؤولية الطلاب والطالبات اليوم هي التعلّم لا تمنعهم في ذلك حجة أنّ من لا يقرأ اليوم يحكم في من يقرأ.