تمثل عملية "طوفان القدس" منعرجا في تاريخ الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي . فبعد انكشاف الأكذوبة الصهيونية لأرض الميعاد و خرافة هيكل سليمان و أمام بسالة الشعب الفلسطيني البطل الذي لم يتنازل عن حقوقه التاريخية المشروعة وابدى صمودا وبسالة وإيمانا بقضيته الوطنية ترتقي إلى مرتبة الملحمة في تاريخ الإنسانية، اختلطت الأوراق و من المفروض اعادة ترتيبها.
يبدو من البديهي أن هذه العملية النوعية و الانهيار الاستخباراتي والعسكري والنفسي الذي أصاب إسرائيل و لو بصفة مؤقتة وفي إطار التحولات العميقة الجغراسياسية في العالم من مظاهر نهاية الفترة الاستعمارية و اندثار مخلفات الحرب العالمية الثانية و بوادر بزوغ عالم جديد يفرض على يهود إسرائيل تغيير تصورهم لمستقبلهم سوى بالرجوع إلى بلدانهم الأصلية في اوروبا و امريكا و غيرها أو الانسجام و التعايش السلمي مع اصحاب ارض فلسطين الأصليين و الشعوب المجاورة.
رغم كل محاولات التوظيف و التزوير فإن علماء التاريخ يجمعون أن اليهود عاشوا أحسن فترات تاريخهم مع العرب و المسلمين و اندمجوا ثقافيا و اقتصاديا و ارتقوا إلى مناصب عليا بدون ميز عنصري او حملات الإبادة التي تعرضوا إليها في أوروبا الجنوبية و الشرقية وصولا الى محرقة القرن الفارط.
لعل هذه العملية رغم عنفها و دمويتها و العدد المرتفع للضحايا المدنيين نساء وأطفالا وشيوخا من الجانبين تدق جرس نهاية عهد الغطرسة والعنف وسياسة الإقصاء و تفتح آفاقا جديدة للسلم والتعايش والاحترام المتبادل بين شعوب المنطقة وأهل الكتاب.