رغم الوضع العمالي والنقابي المتردي عربيا ، لا بد للنقابات العمالية وباقي اصناف الاتحادات المهنية العربية من فعل شيء ما قويّ الان في علاقاتها بنظيراتها العالمية لان نقطة الضعف الكبرى في التضامن الجماهيري العالمي الى حد الان هي ، مع بعض الاستثناءات ، في غياب دخول النقابات العالمية بثقلها الحقيقي فيه .
ان حراك الجاليات العربية والإسلامية المساندة لفلسطين مسنودة بمناضلي جاليات جنوبية أخرى وأنصار أقصى اليسار الغربي وبعض البرلمانيين و المثقفين هنا يتطور من اسبوع إلى الآخر بشكل جيد ولكنه لا يكفي هنا و الان و ينقصه عمق شعبي منظم وقادر على التأثير في موازين القوى وفي سياسات الحكومات الغربية وهو ما لا تملكه سوى النقابات .
يحاول النقابيون العرب في الغرب التأثير على النقابات التي يناضلون داخلها ولكن هذا لا يعطي نتائج ، لأسباب كثيرة ليس هنا مجال شرحها ، ولا بد الآن من طلب تأثير النقابات العربية المنظم والمباشر على النقابات الغربية .
على النقابيين العرب في الوطن العربي الان ، كل حسب قدرته ،التنسيق فيما بينهم والتأثير المشترك على أكثر ما يمكن من النقابات الغربية بأقصى الطرق الممكنة التي ترقى إلى مستوى اللحظة الفلسطينية والعالمية الراهنة التي هي ،حتى من زاوية عمالية و نقابية صرفة، لحظة نيوليبيرالية خطيرة جدا على مكاسب العمال المهنية وعلى حرياتهم النقابية التي ستكون مهددة أكثر لو تغول اليمين المتصهين العالمي الحاكم الآن .
ان هذا اليمين يجهز نفسه الآن ،في نفس الوقت، لكسر المقاومة وتعميم التركيع و تحقيق المزيد من التطبيع والتجويع في المنطقة العربية، من ناحية، ولإضعاف اهم دول البريكس في الخارج و تحميل الطبقات الفقيرة والمتوسطة في الغرب نفسه نتائج الأزمة الاقتصادية ونتائج اتباع سياسة تسلطية تتراجع حتى عن أبسط الحقوق والحريات السياسية والمدنية وهو ما يستوجب الان ' جبهة نقابية عالمية متحدة ' نصرة لفلسطين و ضد الهجمة اليمينية النيوليبيرالية المتشددة والمتصهينة في نفس الوقت.
كلنا يعرف سوء الوضعية النقابية في أغلب دول الوطن العربي من منع تكوين النقابات اصلا في بعضها إلى تدجينها في اخرى واضعافها في ثالثة و قمعها في رابعة ،الخ. ولكن ، وبقدر الامكان، لا بد من فعل شيء ما لفلسطين هناك وهنا بالتنسيق العالمي مع اوسع ما يمكن من تنظيمات العمال والاجراء لما فيه مصلحة الفلسطينيين والعرب بل والإنسانية جمعاء لان اللحظة فارقة وما بعدها لن يكون مثل ما كان قبلها.
هذا وانه لن يكون من الممكن النجاح في إنجاز المهمة أعلاه في نفس الوقت الذي يقع فيه تبرير التعامل المتذيل ،داخل الوطن العربي نفسه، مع منظمات دولية أثبتت الأحداث ان قياداتها تفكر وتمارس بعقلية استعمارية ومتصهينة تماما، ولا بد من البدء بالكنس أمام البيت النقابي العربي والدولي في نفس الوقت ان كان ما زال هنالك ذرة حياء ، ولكن على أن يتم ذلك بمنتهى الذكاء حتى لا يؤدي الأمر إلى نتيجة عكسية تعزل النقابيين العرب عن الحركة النقابية العالمية وتفلق وحدة صفوف الاجراء والفقراء.