اتضح بشكل لا ريب فيه أن الهدف الإستراتيجي الأوحد من حرب الدولة اليهودية على غزة (ومعها المجتمع الإسرائيلي في مجمله) هي الإبادة الجماعية الفعلية لسكان غزة بغاية تهجيرهم والإبادة الرمزية لوجود الشعب الفلسطيني بأكمله.
فـإمّـــا أن تكون جذريا ضد الإبادة يعني أن تكون الآن مع فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس دون حتى أن تسأل نفسك، تماما مثلما تفعل إزاء اي إبادة جماعية وتهجير قسري في أي بقعة من العالم.
وإمّـــا أن تكون جذريّا مع الإبادة الجماعية شئت أم أبيت ومهما كانت حذلقاتك الذهنية. كل التنغيمات التي تُسمع من داخل إسرائيل نفسها، أو من داخل القوى الغربية ساسةً ومفكرين، ليست سوى تنويعات ميلوديّة ضرورية لجوقة الموت لكي تلعب معزوفتها الجنائزية.
لا فرق بين القاتل ومساعده الآسف الباكي على الضحايا لكي يُسلّي نفسَه. ولنا في تونس بعض البكاة الآسفين حتى ولو كانوا قلة قليلة من الضباع الآكلة من بقايا موائد اللئام.
أي معني حقيقي "للمجتمع الدوليّ"؟
أي معني حقيقي "للمجتمع الدوليّ"؟ العبارة لا تشمل في واقع الأمر ما توهمنا به في ظاهرها. فهل لأمريكا اللاتينية في مجملها، ولإفريقيا بأكملها، ولغالبية بلدان آسيا، أي ما يسمى بالجنوب العالمي، مكان في المجتمع الدولي؟
والجواب بالتأكيد هو: كَـلّا. وإذاً، فإن المقصود بالمجتمع الدولي، إنما هو مجموعة صغيرة من بلدان الشمال القوية عسكريا واقتصاديا والمتحكمة في العالم. وهذه المقولة بدأت تتفكك في العقدين الأخيرين، وتسارع تفككها منذ حرب أوكرانيا. وليس مستعبدا أن تلك الرقعة الصغيرة جدا من الكوكب، غزة الجريحة والمقاومة، تستكمل عملية التهافت المعنوي لتلك المقولة إلى أن يأتي تفككها السياسي النهائي.