المسألة أبسط وأوضح مما تتصورون: الدولة (أي دولة) تجمع من الناس الضرائب كي تمكنهم من عناصر التنمية الأساسية: النقل، الصحة، التعليم، الثقافة، البيئة والمرافق الضرورية للعمران البشري الماء، الكهرباء، الاتصالات..
في البلدان الثرية تنفق (الدولة) على هذه القطاعات من الثروة التي توفرها عائدات الموارد الطبيعية أما في البلدان محدودة الدخل فإن الدولة تتصرف في أموال تجمعها من المواطنين أنفسهم عبر الضريبة.
في تونس، الدولة تجمع أموال دافعي الضرائب وتنفقها على ما يقارب المائة من الشركات العمومية المفلسة، وقريبا مثلها من الشركات الأهلية التي لا يدري أحد كيف سيكون مردودها الاقتصادي، ولا تترك شيئا للتعليم والصحة والنقل والبيئة...
وهكذا تشرف الدولة بمهارة فائقة على عملية توزيع عادل للبؤس، وتعميم ممنهج للفقر، تأخذ من جيوب الموظفين لتنفق على موظفين آخرين وفي الأثناء لا ينجو من هذه الدائرة المفرغة والعقيمة الا من كان قادرا على البقاء خارجها (الاقتصاد الموازي، الكناترية، اللصوص..الباندية).
الخطاب الرئاسي يدعونا الى أن نشعر بالنخوة لأننا لن نفرط في معمل عجين الحلفاء والورق، ولا يعبأ بمشاعرنا عندما نركب قطارات ظروف السفر على متنها لم تعد تقبلها حتى البهائم…
التخلف في صورة…
يمكنكم الاحتفاظ بهذه الصورة لتوثيق حالة التخلف الاجتماعي والثقافي في بلدنا… فهذا الازدحام أمام مقر الشركة التي تبيع سيارات صينية (شعبية) هو للتسجيل لا غير.. والشركة تنشر هذه الصور للتباهي والدعاية…
لوكان لرأس المال إحساس بالمسؤولية المجتمعية لما استعمل المواطنين في حملة اشهارية تقوم على الازدحام والفوضى.. ولو كان هذا التاجر يحترم زبائنه لمكنهم من التسجيل الكترونيا احتراما لكرامتهم .. لكن التونسي اليوم لا تكفيه رداءة المرافق العمومية وتخلف الإدارة حتى يتلقفه أباطرة السيارات والسلع الاستهلاكية ليمعنوا في إذلاله وتمريغ كرامته في الأرض…
صحة ليهم…