وأنا أقرا نص الأستاذ العياشي الهمامي حول مقترحه / المبادرة لكيفية تعاطي " القوى " (؟ ) " السياسية ( المعارضة ) مع الاستحقاق الانتخابي الرئاسي 2024 ، افلتت مني ابتسامة خيبة مرة وعادت بي الذاكرة الى 20 سنة مضت قدم فيها الصديق العياشي ما يشبه مبادرته هذه والتي دعا فيها الى نفس ما يدعو اليه اليوم حين طلب من المعارضة منذ عقدين الاستثمار في " الثغرة القانونية " والتوافق على مرشح واحد للانتخابات الرئاسية سنة 2004 لتجاوز الانقسام والاحتجاج على الحكم الفردي وقتها .
بعد 20 سنة اذن نعود لنفس النقطة وبعد 13 سنة من اندلاع " ثورة " فتحت مسار انتقال استمر عشر سنوات من الديمقراطية "السائلة" تم فسخها بجرة خطاب فعلته القوة العارية للدولة بعد ان مهدت له تعثرات وصراعات غير عقلانية للطبقة السياسية التي حكمت وعارضت بعد ان كانت نسيا منسيا في عهود التسلطية ووفرت شروطه قوى وظيفية تنسب نفسها للحداثة والديمقراطية وخدمت من أجله فاشية ثاوية عملت على عودة القديم لتجهز " الدولة " و " رئيسها" على الجميع في اجواء من الشماتة الشعبوية لحشود مفترضة لا " تحب " الديمقراطية التي لاتطعمها خبزا .
وأنا اقرا مبادرة الصديق العياشي ، والتفت لأرى " عائلات المعتقلين " تقود " بنفسها " مسيرة " تحرير ذويها " من القادة السياسيين الذين لم يجدوا فينا ولدينا " حركة سياسية تقود " القضية السياسية " التي سجنوا من اجلها ،وانا اقرأ والتفت فأرى ، عندها ادركت حجم الذهول عن حركة التاريخ ومقدار اهمالنا للاشكاليات الكبرى التي يجب ان نجيب عنها قبل ان نتصرف بنفس "الريفلاكس" التقليدي الذي كنا نتصرف به في عهود التسلطية التقليدية قبل ان تندلع ثورة وندخل انتقالا فشلنا في تحصينه وقبل ان نفشل في الاستثمار الجيد والقراءة الحصيفة لما يجب ان نفعله بعد الانقلاب الخمسعشريني على دستور 2014 ومخرجاته مؤسسات وقيما و مشهدا سياسيا .
ما يجب ان نعلمه ان المطلوب اليوم ، بعد ان خرج تقرير مصير المستقبل السياسي للبلاد من ايدي فاعليه التقليديين احزابا ومجتمعا مدنيا ، هو ان نتفرغ للبناء الاستراتيجي للحركة السياسية التونسية وتسليم المشعل لأجيال جديدة بعد ان نقدم لها نصنا الكبير في النقد الذاتي بكل اطيافنا وتياراتنا .استحقاقات 2024 ليس موعد تنافس القوى التقليدية على حكم البلاد فالمسار قد اتخذ قدريا بسياقات عديدة طريقه نحو الاستمرار في " الترتيب " القسري للمشهد بعيدا عن القوى التقليدية التي يبدو ان المطلوب منها ضمنا وتصريحا ان تتفرغ لاعادة تأسيس ذواتها الا لمن اراد عرض نفسه مرة اخرى قوة وظيفية لمشاريع تسير بحتمية تاريخ يتعالى عن ارادة افراد وفاعلين تقليديين وستزيده عاصفة 7اكتوبر غموضا يحتاج من العقلاء كثيرا من الصمت التأملي بعيدا عن صخب الاستحقاقات التي خرج منها الفاعلون الذين اخطأوا ( اخطأنا ) الباب سابقا …
اطلاق سراح المعتقلين والذهاب الى كتابة نص تونس الكبير في كثير من الهدوء والعقل البارد ..ذاك هو المطلوب استراتيجيا من اجل استئناف ديمقراطي ثابت ودقيق تستلمه اجيال قادرة على اقتناص دروسنا ووعي زمانها من اجل مستقبل عربي كريم ...غير ذلك عود على بدء ابدي بلا افق ...والله اعلم فالسياسة لا علم ولا نبوءة .... . كل التحايا للمناضلين من اجل الحرية والتحرر …