تعذر على ذاكرتي حساب عدد مرات اللقاءات الفلسطينية لتحقيق مطلب "حق يراد به باطل" يسمونه الوحدة الوطنية، فنحن أمام فريق فلسطيني تنكر للميثاق الوطني الفلسطيني ،وتخلى عن اي شكل من اشكال المقاومة المسلحة، وتخلى عن 78% من فلسطين، ويطارد اي عنصر مقاوم بغطاء التنسيق الامني، ومصدر دخله الاساسي من أعداء فلسطين ، ناهيك عن أن افراد قيادة هذا الفريق ملطخون بشبهات الموبقات السبع..ويقابله فريق فلسطيني آخر، يتناقض مع الفريق الاول في كل شيء، في الاستراتيجية والتكتيك ،في الهدف والأداة، وفي البنية العقائدية لكل منهما…
من شروط التفاوض الناجح وجود حد من "المشتركات أو الروابط السياسية" بين طرفي التفاوض ، وفي الحالة الفلسطينية لا يوجد اي مشترك ،مما يجعل التفاوض شكلا من اشكال العبث، لكن الغريب هو الاصرار على مواصلة هذا العبث، فكيف يمكن ان نجد نقطة وسطى يتلاقى فيها المقاوم مع الجاسوس؟
ان الشروط الرئيسية للوصول الى وحدة وطنية هي :
1- عدم التعاطي بأي شكل من الاشكال مع الاوسلويين لان ذلك من باب العبث.
2- دعوة قيادات من فتح ممن لم يتنجسوا بأوسلو لتشكيل قيادة لحركة فتح وذراعها العسكري"كتائب الاقصى" ليكونوا طرفا في مفاوضات الوحدة ، ولا ضرر في التحاق اي قيادي فتحاوي ممن يقبل أن يتوضأ سياسيا ليتطهر من "حدث أوسلو"،فاوسلو من مبطلات الوضوء السياسي.
3- الدعوة لانتخابات تحدد أوزان القوى السياسية وتمثيلها في الشارع الفلسطيني،ولا يجوز ان تبقى الحالة المتكلسة والتي تستثمرها شلة "بيتان" بالإدعاء بأن فتح هي الفصيل الرئيسي في الساحة الفلسطينية، ففتح طبقا لاستطلاعات الراي المختلفة لا يزيد وزنها حاليا عن 7-10%، فهذا التنظيم- بقيادته الحالية- أوهم العالم أن "ورمه..سُمْنَة".
4- لا شك عندي ان اجتماع موسكو لا يزيد عن " مهزلة" ومحاولة من فريق أوسلو أن يقوم بدور جديد مستغلا الظروف الصعبة التي تواجهها المقاومة، ان مشاركة فريق أوسلو في الاجتماع هو مطلب عربي امريكي اسرائيلي وجرى التشاور حوله وحول كيفية ادارته لاستثمار الظروف الصعبة الحالية للمقاومة ، والهدف العربي الامريكي الاسرائيلي من ارسال فريق اوسلو لموسكو هو:
أ- استغلال الظروف القاسية التي تعيشها المقاومة لانتزاع تنازلات سياسية منها وعلى راسها الاعتراف بالشرعية الدولية، وبعد ان تعترف يدخلونها في أنفاق اوسلو التي خبروها جيدا.
ب- العمل على محاولة خلق خلافات داخل المقاومة من خلال:
1- العمل على خلق خلاف " بين" حماس والجهاد الاسلامي " بخاصة او مع تنظيمات أخرى.
2- محاولة زرع افكار تؤدي الى خلافات " داخل" كل تنظيم من تنظيمات المقاومة بهدف تفكيكها او جر تنازع عسكري بينها .
3- فشل الاتفاق في موسكو سيضيف جرعة يأس للشارع الفلسطيني.
4- ان عدم الاتفاق سيوفر الحجة لبيتان وفريقه لتبرير خلق عسر مالي على كل من هو مساند للمقاومة تحت ذريعة فشل تحقيق الوحدة.
5- ان الفشل في الاجتماع سيبرر استمرار تهرب بيتان وفريقه من الانتخابات.
أخيرا أقول للمقاومة وبكل وضوح : كم مرة يجب أن يُلدغ المؤمن من الجحر الواحد ؟ يجب فتح المجال امام البحث في كيفية تنظيم انتخابات شعبية ،وليكن فريق أوسلو ضمن المتنافسين، والفائز هو من يحدد المسار.
ان الفترة الحالية تستوجب احترام إرادة الشعب، فالصادق في مسعاه هو التنظيم الذي يقبل العودة للشعب ويعمل طبقا لإرادة الاغلبية أيا كانت.