في مداورات اللحظات الحاسمة

نتنياهو وبتوجيه ذكي وخفي من حلفائه الامريكان الصهاينة يمارس اخر اوراق ضغوطه على المقاومة وفي توزيع متناسق للأدوار مع معارضته الداخلية ومع النظم العربية العميلة . ضمن هذا التكتيك الصهيوامريكي يتنزل الضغط على الوسيط القطري .

منذ اسابيع تم اطلاق اصوات متصهينة من الكونغرس تتهم قطر بالانحياز اكثر الى حماس وبالتهاون في الضغط عليها لمزيد دفع القطريين الى ترغيب او ترهيب القيادة السياسية لإبداء مزيد من المرونة. وقد رد القطريون على هذا الضغط ببيان السفارة القطرية في واشنطن اولا ثم بالتلويح لاحقا بإمكانية غلق مكتب حماس في الدوحة وايقاف وساطتهم.

يعرف القطري انه بهذا التهديد يربك الامريكي الذي اعتمد الدوحة منذ الالفينات منصة وسيطة مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية والاطراف الراديكالية في المنطقة لإبلاغ رسائله وقد لعبت قطر باستمرار هذا الدور منذ عقود بموافقة وطلب امريكي( كما بينت في بيان السفارة ) في الملف اللبناني والافغاني والفلسطيني وحتى في ملفات شمال افريقيا وجنوب الصحراء .

تكتيك الضغط والتسخين والتبريد هو مهارة يتقنها الأطلسي الغربي بتحريك مكوناته من اليمين الى اليسار ومن " المتطرف" الى " المعتدل " وهو ما كان ينجح فيه باستمرار مع العرب الضعفاء المنزوعين من دسم قوة وعقل التفاوض ولكن الامر الان مختلف مع مقاومة تملك الامرين معا بقوة تمتد على ساحات وجبهات توزع اقتدارها بحنكة عسكرية عظيمة وبعقل استراتيجي يحسن المناورة والتفاوض بقيادات تحكم منظمات وحركات وتقود ايضا دولا .

نتنياهو يلجأ اليوم الى اعادة تحريك ملف اغلاق مكتب الجزيرة في تل أبيب وهذا ايضا في سياق مزيد الضغط على الوسيط القطري في الوقت الذي يشتغل فيه الامريكي على مزيد دفع السعودي الى التقارب مع الكيان ولعب دور اساسي في " اليوم التالي " في المنطقة بعد توقف الحرب في غزة ، في نفس الوقت الذي يعيد فيه الامريكي اغراء التركي بدور جديد في المسك بالملفات الكبرى للعالم العربي والاسلامي باعتبار ان السقفين السعودي او التركي يبقيان اسلم للغرب الاطلسي الصهيوني من السقف الراديكالي الذي يتجه اليه مزاج الشعوب والقوى الوطنية مع انتصار المقاومة ومحورها في هذه المنازلة .

يفهم الاطلسي ان مياها كثيرة قد جرت في نهر المنطقة ، وان 7اكتوبر قد كان كاشفا لهدير هذه المياه التي تم اعداد مجاريها بصبر استراتيجي وبغموض بناء على امتداد اكثر من عقدين باعداد جبهات المقاومة وساحاتها حتى استحالت طوفانا هادرا انطلق من غزة ولن يتوقف حتى التحرير الشامل ، ولذلك يحاول الان في الوقت الضائع ان ياخذ، بدهاء السياسة والاشتغال على تناقضات المنطقة، ما عجز عنه بالحرب.

في المقابل يصيب عدم الفهم عددا من الفاعلين العرب حكاما وقوى سياسية فلا يقرؤون حقيقة ما جرى ومازالوا يفكرون بصناديق مغلقة من ما قبل "كاشفة الطوفان" .

على العقول الوطنية ان تستخلص الان بكل تصميم ودقة ان عنوان المنطقة الان هو : المقاومة ومحورها في مواجهة الأطلسي ومن اصطف الى جانبه .

هذان هما القوتان الاساسيتان المتصارعتان في المنطقة حاليا ولا وجود لمنطقة وسطى بين الجنة والنار ..والمقاومة ستفرض شروطها مرحليا وستنتصر في النهاية استراتيجيا في الحرب الفاصلة.

على هذا العنوان يبنى ما يلزم من استخلاصات .غير ذلك مراوحة في اشكاليات مغلوطة وثرثرة تحول اصحابها بوعي او بدونه الى قوى وظيفية للعقل الاطلسي الخبيث .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات