الأمريكان في حالة ارتباك كبيرة أمام موافقة المقاومة على المقترح القطري المصري…موافقة غير متوقعة.
ولا شك البتة في أنّهم كانوا على اطلاع على المقترح قبل وصوله إلى حماس، بل لعلهم هم من صاغ بنوده، ولكن على أمل ألا توافق المقاومة.
مسؤولو الإدارة الأمريكية من الصف الأول (الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، مسؤول السياسات الاسترتيحية) يثرثرون هذا المساء بكلام بلا معنى هروبا من قرار المقاومة بالموافقة على المقترح…
فلا أقل لمن شارك في صياغة بنود هذا المقترح من أن يعبر عن ارتياحه لموقف المقاومة.
قادة الإدارة الأمريكية حريصون على إظهار صهيونيتهم، ولكنهم في الوقت نفسه يفصحون عن محدوديتهم وخواء نفوسهم من القيم الأساسية، ويثبتون تورطهم في حرب الإبادة.
إن رفضوا مقترح وقف إطلاق النار وقد شاركوا في صياغته فإنّ قادم العمليات النوعية والمركبة للمقاومة سيجبرهم على اتفاقيات لم يشاركوا في ضبط بنودها على هواهم.
هم يدركون أن حربهم في غزة، أمام صمود المقاومة وإجماع الشعب الفلسطيني على قرارها المفاوض، صارت بلا جدوى، ولن تحقق نصف هدف من أهدافهم. وستكون الحرب على رفح وما سينجر عنها من سفك لا دماء آخر ورقة في يد المجرم ناتنياهو، قبل سقوطه النهائي الذي يمثل حلقة من سقوط الكيان كله.
فمشكلة الكيان السياسية الداخلية ليست بمعزل عن أزمة الكيان الهيكلية ونهاية دولته الوظيفية في المنطقة. فالقيادات الصهيونية لن تعود إذا توقفت الحرب على غزة إلى ترتيب بيتها الداخلي وإنّما إلى مواجهة
حقيقة تصدع البناء وتداعيه إلى السقوط.
ضغوط الإدارة الأمريكية
الحكاية واضحة ولا تحتاج إلى ذكاء، فالولايات المتحدة عوض أن تمارس ضغوطا على الكيان لحمله على القبول بمقترح الاتفاق الذي صيغ على عينها وبرعايتها تُوجّه ضغوطها إلى الوسيط القطري المصري.
وقبل أسابيع كانت السفارة القطرية في واشنطن أشارت إلى أنّها فوجئت بتهديد النائب هوير باسم الولايات المتحدة بإعادة نظرها في العلاقة مع قطر.
حماس كانت أعلنت هذا المساء موافقتها على المقترح الذي توصلت به من الوسيط القطري المصري، وأخطرت به القيادتين الإيرانية والتركية.
غير أنّ الخارجية القطرية قالت منذ قليل بأن ردّ حماس يمكن أن يوصف بالإيجابي وأن الوفد القطري سيتوجه صباح الثلاثاء إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة، وهو الموقف نفسه الذي صرّح به الناطق الرسمي باسم الأبيض وجاء فيه أنّ الولايات المتحدة ستنظر مع قطر ومصر في ردّ حماس.
والمحصلة أنّه لا يُغلق باب المفاوضات ولكن لا أمل بالتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الذي يعني عند ناتنياهو استسلاما لحماس. فلا يوجد في قاموس نتنياهو أمرًا اسمه وقف إطلاق النار إلاّ إذا كان نتيجة للقضاء على المقاومة وتهجير أهل غزة.