حبا في المحامين: "يكذبوا عليك البوليسية؟" رواه محرز بوقا،

رهنت أمي، رحمها الله كل مصوغ عرسها البسيط لتكليف أشهر وأغلى محام في مدينة الكاف "البشير بالأخضر" لإنقاذي من محنة المظاهرات في الكاف جانفي 1986، لا يكفي أن المحامي الشهير ضرب الصوارد واختفى ولم أره إلا لثوان في الجلسة ولا يكفي أن مصوغها ضاع إلى الأبد لعجزنا عن دفع الرهنية، مقابل حضور الأستاذ نجيب الحسني دفاعا عن شريكي في القضية وأخرجه منها ببراعة مثل الشعرة من العجين،

في بداية التسعينات، كانت محكمة تونس تتحدث برعب عن القاضي "محرز الهمامي" الشهير بكنية بوقا في كلية الحقوق والمقيم الآن في بلد الحقوق والحريات هاربا من حقوق الناس، وأنا كنت صحفيا مستجدا، أقتفي أثر المحامية المناضلة راضية النصرواي في أروقة المحكمة لاعتقادي أن في أثرها دائما قصة إنسانية تستحق أن تكتب، إن لم يسمح بها وقتها فلزمن آخر.

لم يكن محرز بوقا يتورع عن محاكمة شخص ثلاث مرات من أجل نفس التهمة، أناس بسطاء أحيلوا موقوفين عليهم آثار التعذيب من أجل وشاية قوادين بالانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها والاحتفاظ بمناشير سرية، عندما ينكر المتهم ويذكر تعرضه للتعذيب، يصرخ فيه القاضي "يكذبوا عليك البوليسية؟ ما عندهم كان أنت؟"، "عامين وعامين، أربع سنين حبس" ومرة، كانت الأستاذة النصراوي عندها قضية جناحية عادية حين رمت امرأة عجوز عليها نفسها وهي تجر معها طفلة يجب أن تكون في الرابعة من العمر: "ماني إميمتك، ولدي موقوف هنا وهذه بنته وما عنديش فلوس محامي"، حين قال محرز بوقة للمتهم "يكذبوا عليك البوليسية" شعلت فيه الأستاذة النصراوي: "أي يكذبوا عليه، ما لا عذب روحه في الإيقاف؟" وكادت تشعل بينهما،

دافعت عنه بشراسة لبؤة مجانا ولم يغير ذلك شيئا في حكم القاضي الذي كان يحكم بمتعة شخصية، بل أعطت من مالها للطفلة الباكية شيئا لا يجب ذكره، في كل دول العالم إلا العربي وخصوصا تونس، لا تتجاوز عقوبة الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها خطية مالية، أكتبها اليوم من باب الذكرى، حبا واحتراما في مهنة المحاماة وخصوصا حين لا تميّز بين المتضررين من أعوان الدولة حسب انتمائهم السياسي كما الأستاذة راضية النصراوي التي نابت العشرات من موقوفي الحركة الإسلامية كثيرا دون أجر، للسادة المحامين الذين يدفعون من جيوبهم من أجل مظلومين فقراء لا يعرفونهم، خصوصا يزورونهم في السجن،

في قلب محنة الساعات الجهنمية الأولى لتشغيل الآلة الجبارة للقضاء وهي ترحي الناس بلا رحمة، ومحاولة لعلاج عركتي الشخصية مع المحامي الذي ضرب أموال مصوغ أمي ولم يرني إلا في قاعة الجلسة لثوان طلب لي فيها العفو والرحمة فصكني القاضي بخمسة أعوام سجنا، لم أسامح القاضي واقتفيت أثره حتى نفق وحمل معه ملفي وملفات العشرات من أمثالي إلى الله، كما لن أسامح أبدا المحامي الذي تخلى عني عندما كنت أمشي حافيا في شتاء سجن الكاف بسبب جراح الضرب بالفلقة متسائلا عن باب الخروج من تلك المتاهة،

لقد "زرته في مكتبه" لكي أقول له ذلك وأشياء أكثر سوءا لا علاقة لها بالسماح، لا سماح مع المحامين الجلادين ولا مع الجلادين وأنصار الجلادين تحت شعار كان ما عمل شيء توه يروح ومن يدافع عن الجلادين ومن يطلب لمتهم تعرض للتعذيب الرحمة من جلادي المحاكم، المجد للكرامة البشرية،

Commentaires - تعليقات
قيس
18/05/2024 23:35
Affreux...des gens sans scrupules قاضي السماء سيتكفل بهم