الدعم المسبق وقيام تكتلات وتحالفات لمساندة المترشح المفترض هو تبرير مسبق لنتائج الانتخابات.
لا جديد فيما يجري، يمكن التذكير بما حدث في زمن بوتفليقة، لقد تم إعلان فوز الرئيس الذي خاض السباق وحيدا بعد انسحاب منافسيه، وبعدها بسنوات عرف الجزائريون أن بوتفليقة لم يكن يفاوض أصحاب القرار على المنصب بل كان يساومهم أيضا على النسبة التي سيفوز بها وكان شرطه ألا تكون أدنى من تلك التي منحت لسلفه الذي جيء به إلى الكرسي والبلاد غارقة في حمام من دماء أبنائها.
سارع بوتفليقة إلى تنظيم استفتاء حول الوئام لترميم شرعيته المعطوبة، وفي كل اقتراع كانت حصة "نعم" تتعاظم حتى لامست أرقام سنوات الأحادية، وبعد ثلاث فترات رئاسية لم تعد هناك حاجة لحضور الشخص أو سماع صوته، فهو فوق التشكيك وخلق من أجل يعيش رئيسا ويموت رئيسا.
لا شيء تغير، الذين ابدعوا في تقديس بوتفليقة إلى حد التأليه، يعيدون رسم المشهد، فالانتخابات التي جاءت في ظروف استثنائية فرضتها أحداث 2019، بحسب لغة وكالة الانباء، تحتاج إلى ترميم، والشرعية التي تم الطعن فيها بأصوات المتظاهرين وارقام السلطة أيضا، تحتاج اليوم إلى أرقام جديدة ستصبح بعد حين حجة ترفع في وجه كل من ينشد التغيير أو يشير إلى طريق آخر غير الطريق الذي اختاره أصحاب الأمر.
أرقام تمحو أخرى، ووعود تزيح وعودا سبقتها دون التفات إلى حقيقة الواقع، ففي "الجزائر الجديدة" أنت مدعو للفخر بصور حملة حصاد القمح في الصحراء ولا يهم بعد ذلك أن تشتري البطاطا بمائة دينار بعد سنوات من الفخر بمعجزة وادي سوف التي أزاحت عين الدفلى ومعسكر من خارطة إنتاج البطاطا، وفوق هذا عليك أن تمحو من ذاكرتك ذلك الوعد الذي تلقيته مرة من المسؤول الأول في البلاد عن سقف السعر الذي لن تتجاوزه البطاطا.
الحملة الانتخابية في الجزائر لا تتوقف أبدا، هي مستمرة من يوم إعلان نتائج الانتخابات إلى يوم الاقتراع التالي، سلاحها القصف العشوائي بالأرقام التي يتحول فيها المليون إلى مليار والقنطار إلى طن. وكل شيء يصبح إنجازا معجزا يغيظ الحساد والأعداء، هكذا كان الوضع على عهد بوتفليقة وهو مستمر اليوم، أما اللاعبون من أشخاص واحزاب فلم يتغيروا لولا حاجة قضاها النظام بحبس بعض خدامه.
كل شيء جاهز لإعلان الرقم الجديد الذي سيكون حجة المنتفعين الذي يقتنصون الفرص ويعقدون الصفقات ويجنون المكاسب في لعبة قتل السياسة ودفع البلاد أشواطا بعيدة إلى الخلف في انتظار "أحداث أخرى" تجلي الحقيقة.