في 2011، قال لي ضابط عسكري شاب: "لقد أعطوني كميون ماجيروس و25 جنديا مسلحين لإقامة السلم، لكني تدربت على القتال، على تحديد العدو ومهاجمته وقتله أو أسره لتحييده واحتلال مربعاته، لكن هؤلاء المتظاهرين ليسوا أعداء"،
الجيش لا يصلح إلا للحروب وإن لم تكن هناك حرب فيجب أن يقضي وقته في الاستعداد لها داخل الثكنات، أسوأ ما يمكن أن يفعله الجنرالات هو الخروج من الثكنات إلى السياسة وإلى مؤسسات الدولة،
في 2016، حاصر المئات من ممثلي نقابات الأمن مقر السلطة التنفيذية المركزية في القصبة ونادوا "هبليه يا نقابة هبليه" ضد رئيس رئيسهم، وبعدها حاول بعضهم اقتحام حرم السلطة التشريعية التي انتخبها الشعب "باستعمال الخلع والتسور" وهي جناية عقوبتها السجن مدى الحياة بالفصل 260 من القانون الجنائي لإجبار النواب على إقرار قانون حصانة الأمنيين وهو قانون غير موجود في أي بلد في العالم حتى كوريا الشمالية،
في فيفري 2018 حاصر عشرات منهم قضاة محكمة بن عروس مدججين بمختلف الأسلحة والمعدات وأطلقوا مضخمات الصوت لإرهاب القضاة وإجبارهم على إطلاق سراح زميلهم المطلوب في قضية عدلية حتى وقت متأخر من الليل، "وأطلقوه"، ما روحوا كان بيه، من بعد، يجيك مولانا زياد كريشان ينسى كل هذا ويكتب مقالا بعنوان "أين ذهبوا" عن السياسيين، أليس الأجدى أن تسأل أين ذهبت نقابات الأمن مثلا؟ وأين ذهب من أطلقها في البلاد؟
الشرطة لا تصلح إلا لتطبيق القانون على المدنيين في الفضاء العام وردع جرائم الحق العام، عندما يتدخل البوليسية في السياسية أو يريدون محاسبة الناس على مواقف أو أفعال سياسية، فهي الكارثة، البوليس لا يعرف إلا "جر على بوشوشة" والسجن والإحالة إلى النيابة ويجب أن يبقى هناك، أما إذا أصبحوا يتدخلون في تعيين السياسيين وفي طريقة تطبيق القوانين، فهي الكارثة، لذلك: من أطلق نقابات الأمن لتنفلت من عقالها وقتها ومن قيدها بعد ذلك؟
هذه هي الأسئلة الحقيقية التي تتطلب إجابة لكتابة تاريخ تونس الحديث،