الإعلان عن التحوير الحكومي من قرطاج عن طريق بلاغ على صفحة رئاسة الجمهورية، وليس من القصبة بصفحة رئاسة الحكومة، يؤكد شيئين:
الأول أن رئيس الجمهورية هو من يشكل الحكومة، وهي "حكومة الرئيس" حسب التعبير الذي نحتته حركة الشعب، فهو اللاعب الرئيسي في تشكيلها.
الثاني أن تسمية "رئيس الحكومة" هي واقعا لم تعد ذات معنى، وإنما هي فقط موروثة عن النظام البرلماني، عندما كان رئيس الحكومة هو من يشكل الحكومة، ونحن هنا إزاء وزير أول، لا يختلف دوره في شيء عن دور الوزير الأول في نظام رئاسوي مثل نظام بن علي.
يفتقد البلاغ إلى أية معطيات تساعد على فهم أو تفسير أسباب التحوير، فهل هو الفشل والعجز عن الإنجاز؟ أم له علاقة ما بانتخابات 6 أكتوبر؟
لن أكرر ما قيل عن تفسير الماء بالسماء أم بالمؤامرة فيما يتعلق بوزارة الفلاحة. ولكن نتذكر في الأثناء أن البوغديري الذي سمي وزيرا للتربية، جاء في فترة خلاف مع قيادة اتحاد الشغل، وقد عرف وهو النقابي القديم كيف يتم ترويض النقابيين، ثم ذهب بعد إتمام الدور. وفي التشكيلة الجديدة، أشار أكثر من واحد إلى وجود وزير أو وزيرين ينتميان إلى حركة الشعب، ومن الصدفة أن يكون أحدهما في التربية أيضا، في فترة ترشح فيها أمين عام حركته للانتخابات الرئاسية، وبدأت تظهر علامات التململ داخلها في موقفها من سعيد. وليس أمام الوزير الجديد إلا دعم رئيسه في انتخابات 6 أكتوبر.
غير ذلك فإن تداول ثلاثة وزراء على هذه الوزارة في ظرف ثلاث سنوات، يكشف أن لا وجود لأي مشروع للإصلاح التربوي على الطاولة. وللتذكير بالمناسبة بأن الوزارات الإيديولوجية منذ العهد البورقيبي قلما كانت تخرج عن أيدي الفرنكوفونيين، اتفاقات ضمنية على الأقل، وإن تم آنذاك، ففي فترات التوتر أو المزايدة مع فرنسا.