باختصار هذا ما فهمته من البيان الثلاثي المشترك.

أكد لي البيان الكثير من القناعات والتوجسات ذات العلاقة بالحياة السياسية والانتخابات تحديدا. منها على سبيل المثال انه يصعب بناء مؤسسات ذات مصداقية مثل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، في نظام سياسي مغلق وغير شفاف، تعيش نخبه تدهورا كبيرا على المستوى الأخلاقي. كما أكد لي هذا البيان ان الجزائر لا تملك نخبة جامعية وإعلامية يمكن ان تقوم بدورها لصالح حريات المواطنين والمواطنات ، تساعدهم على توضيح الرؤية في أوقات صعب، مثل التي عشناها هذه الأيام الأخيرة بمناسبة الإعلان عن نتائج الانتخابات التي عرفت حالة اضطراب قصوى ،كما بينته عملية تنظيم الندوات والاعلان عن النتائج وطريقة حسابها الغربية .

استمع فيها المواطن الى أمور اغرب من الخيال جاءت على لسان رئيس الهيئة شرفي وهو يعلن عن تمديد فتح مكاتب الاقتراع الى غاية التاسعة ليلا امام حيرة صحفي التلفزيون المغبون الذي لم يعرف ما يقوله . ليتكفل التلفزيون لاحقا بتصحيح توقيت الغلق الى الثامنة بعد إضافة ساعة دون اعتذار للمواطنين.

وهو ما جعلني افهم ان رئيس الهيئة لم يعد في سن وحضور بدني يسمخ له بالسهر والعمل طويلا والتركيز في القول. كان يفترض إعفائه من هذا المنصب الذي لم يعد قادرا على القيام به بشكل معقول حتى لا أقول على أحسن وجه. بعيدا عن هذه الأمور المتعلقة بالفراد التي تبدو ثانوية فهمت كذلك بمناسبة هذه الازمة ان الجزائر. الأهم من هذه الاعتبارات المتعلقة بالأشخاص فهمت بمناسبة هذه الازمة ما كنت قد لمحت له في وقت سابق متعلق بتسبيق الانتخابات الى يوم 7 سبتمبر. دون منح المواطن والملاحظ أي تبرير معقول لحد الساعة.

ما فهمته من جهة أخرى بمناسبة هذه الازمة ان شروط انتخابات رئاسية تنافسية في حدها الأدنى غير متوفرة في الحالة الجزائرية التي لازال فيها منصب رئيس الجمهورية بعيدا عن دخول سوق المنافسة السياسية الفعلية. وهو ما عبر عنه المواطن بهذا الشكل شبه الجماعي وهو يقاطع هذه الانتخابات الرئاسية. موقف شعبي سفه فيه المواطن الجزائري الأحزاب و" النخب" الرسمية " التي اختارت سياسية التزلف والدفاع عن مصالحها الشخصية، كما يظهرها الاعلام بمختلف اشكاله وهو يتحول الى خطر فعلي على الجزائر والجزائريين.

لتؤكد لي هذه الازمة ما كنت مقتنع به منذ سنوات ان الجزائر في حاجة الى اصلاح نظامها السياسي بشكل جدي لبناء مؤسسات سياسية شرعية، عبر فتح مجال الحريات الإعلامية والسياسية امام الجزائريين. تمر حتما عبر استقلال العدالة. شروط ضرورية لبناء مؤسسات ونخب شرعية وممثلة تقود البلاد. دفاعا عن الدولة الوطنية التي يمكن ان يهددها هذا النظام إذا استمر بنفس التسيير والمريدين. في وقت تعرف فيه الجزائر عداوة كبيرة على طول حدودها -ليس تخويف كما يفعل اعلام النظام لتمرير قراراته. هذا واقع -سيكون من الصعب مجابهتها إذا لم نقم بإصلاح نظامنا السياسي كما طالب بذلك الحراك الشعبي -.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات