أمكن للحراك المواطني في مواجهة الانقلاب منذ أسابيعه الأولى في 2021 من أن يجعل من "استعادة الديمقراطية" عنوانه السياسي الكبير.
وهو ما جعل من هذا العنوان أفقًا موضوعيا لكل من التحق بمناهضة الانقلاب سواء كان ذلك بعد الأمر 117، أو في سياق المشاركة في التصدّي لعملية التجريف التي طالت الحريات واستهدفت قادة الحركة الديمقراطية، أو في سياق الديناميكية التي أحدثها الاستعداد للانتخابات الرئاسية وما رافقها من توتر بين المعارضة الديمقراطية والسلطة.
وليس مطلوبا من المعارضة الديمقراطية بمختلف مكوناتها (الجبهة، الشبكة) بأن تتحول إلى جسم سياسي واحد. ومن الطبيعي أن يجتمع المتشابه منها في كتل سياسية وشبكات وجبهات مستقلة.
وكل ما هو مدعوة إليه هو أن تلتزم بقيم المواطنة بإدارة الاختلاف سلميا بينها وأن تحترم نتائج الانتخابات الديمقراطية وتبعاتها السياسية. وهذا معنى من معاني المشترك الذي بدونه لا يمكن الحديث عن مجال سياسي أو عن حياة سياسية.
الأهمية الثانية لعنوان استعادة الديمقراطية أنّه برز في مواجهة الانقلاب على الدستور والديمقراطية . وهو انقلاب لم يغيّر من حقيقته البشعة توسّلُه بشعار "تصحيح المسار.
وأمام الحصيلة الكارثية لثلاث سنوات الحكم الفردي المطلق من العبث السياسي والقانوني والعجز عن التسيير، فإنّه لا شرعية لوضع سياسي يأتي على أنقاض "مسار التصحيح الفاشل" إلاّ بالنجاح في معالجة ناجعة للأزمة المالية الاقتصادية، والوصل بالبلاد إلى الديمقراطية وتمكين الناس من أن يختاروا بحرية وأن يشاركوا في بناء البلد المهدم وتجويد مستوى العيش، رغم ضعف الشروط المحلية مقارنة بالشروط الدولية الغالبة للخروج من الأزمة.