تعقيبا على "توّة فاقت"

رغم أنّ شخصي المتواضع غير مهمّ في ما طرحته من ضرورة عقد اجتماعيّ وسياسيّ جديد، ومصالحة، فإنّني أوضّح ما يلي :

1-عارضت اﻹسلاميّين قبل الثّورة وبعدها، وما زلت أختلف معهم، لكنّني لم أدع ولو مرّة واحدة إلى إقصائهم، وعندما كانوا في سجون بن علي، وكنت شابّة، وقّعت كل ّالعرائض ضدّ تعذيبهم. واليوم أنا ضدّ سجنهم على أساس أرائهم. وأتمنّى المحاكمة العادلة وتخفيف الكرب للجميع.

2-كنت كذلك بعد الثّورة ضدّ إقصاء التّجمّعيّين وحرمانهم من حقوقهم السياسيّة والمدنيّة إلاّ من أجرم وتكفّل القضاء بملفّاته.

هكذا هي الدّيمقراطيّة : إنّها إدارة للصّراعات بطرق سلميّة مدنيّة.

2-أنتمي فكريّا إلى توجّه يرفض النّظرة الماهويّة essentialiste للتّاريخ وللخصوم. ولذلك أعتبر أنّ اﻹسلاميّين ليسوا كتلة واحدة، ويمكن أن يتغيّروا، ويمكن أن يتأقلموا مع الدّيمقراطيّة، وأعتقد أنّ إسلاميّي تونس تغيّروا بفضل الضّغط الذي مورس عليهم، وبفضل تجربتهم في الحكم,

3-المبادئ لا تتغيّر، لكنّ المواقف السياسيّة تتغيّر بحكم السّياقات المختلفة.

في سنة 2024، نكون قد خضنا الكثير من الصراعات، وعشنا الكثير من الخيبات، ونضجنا من أجل أن نبني عقدا اجتماعيّا وسياسيّا جديدا، يوحّد الكلّ على أساس المشترك المهدّد، وهو الدّيمقراطيّة وحقوق اﻹنسان والسّلم الاجتماعيّة.

هذه منطلقاتي. لم يؤدّ مسار العدالة الانتقاليّة إلى المصالحة، وشابته شوائب كثيرة، لكنّ عوامل كثيرة تجعلنا اليوم مؤهّلين للتّصالح : تراكم المحن، والمشترك الدّيمقراطيّ، والوفاء لمبادئ الثّورة.

هناك عامل آخر ذاتيّ، وهو اﻹرهاق والسأم. أنتمي إلى جيل متعب، وأتمنّى أن أعيش بقيّة عمري في بلد آمن وديمقراطيّ، وتخلو سجونه من اﻷبرياء.

يجب ان يوحدنا المطلب الديمقراطي والحقوقي بدل أن يفرقنا.

ما نحتاج إليه هو عقد سياسي جديد يوحد الجميع على أساس الديمقراطية وقيمها ولا يقصي أي طرف يقبل بالديمقراطية وقيمها. وبعد ذلك يمكن ان يتصارع الجميع سلميا في البرامج والسياسات.

لا يحرجني أن أكون في مسيرة من أجل الديمقراطية جنبا الى جنب مع الدساترة والإسلاميين والقوميين وكل من يقبل بالنظام الديمقراطي ولا يرفع السلاح في وجه الدولة.

لا أحد يمكنه أن يحتكر الحداثة والمدنية وحقوق والانسان. هذه كلها يجب أن تكون مشتركنا لا منبع فرقتنا.

البلاد تحتاج إلى هذه التهدئة والوحدة. وأجيالنا المرهقة بصراعات الماضي تحتاج إلى سكينة ومصالحة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات