_سنموت يا سيّدي الدّون و نكون كالبقيّة وليمة للدّيدان.
_ أوف..يا صانشو..لا اريد سماع ترّهاتك القميئة..ألا ترى أعمالي النبيلة كيف تنقلها أجنحة الرّيح و تنثرها على القمم الشّامخة،ألا تسمع بأذنيك صدى أقوالي الخالدة و هي تردّد على كلّ لسان...كيف أيّها الجعسوس تتناسى ملاحمي؟
_ لقد نسيت شكل اللّحم و رائحته منذ اصطحبتك يا سيّدي،كنت توجّه سهمك للأرنب فتصيب ظلّه و تقدّمه لي فأقوم بشوائه مستحلبا ذاكرتي و أشبع و أنا ألوك قطعة من كسرة الخبز اليابسة و أتلذّذ بسماع حكاياتك الشّيقة.
_ أوف مرّة أخرى، ملاحم..ملاحم..ألم تسمع بالإلياذة و الإنياذة و المهايهارت و الشاهنامة و السّيرة الهلالية،أعرف أنّك غبيّ لا تقرأ و أحبّذك كذلك لكن على الأقلّ يجب أن تفرّق بين الحليب و الماء و بين الملح و السكّر.
_ لم يعد في خراجنا حليب و لا سكّر يا سيّدي الدّون،لم يعد لنا سوى حبّات من الملح و قليل من الماء.
_ ماذا؟ أنمت البارحة عندما استرحنا تحت تلك الشجرة الباسقة؟ ألم أنبّهك بأنّ اللّصوص و قطّاع الطّرق و الأشرار يتربّصون بنا و قد يجرّدونك من ثيابك و ينتزعون روحك،جيّد أن تركوا لك بعض الماء و الملح!
كم من سنين ضوئية تكفيك لتتعلّم كيف تعيش نبيلا مثلي وسط الأشرار؟
_ لا استطيع أن اصبح مثلك سيّدي الدّون ،أنت طويل و نحيف و تعتلي صهوة جواد و أنا قصير و سمين و أركب حمارا،ثمّ إنّ ما يوجد في رأسك لا يوجد في رأسي!
_ جميل يا صانشو أن تعترف بذلك، لا تحمل همّا و لا تشغل بالك مادمت أقودك، سنكمل رحلتنا و نخوض بقية المعارك و نهزم الأعداء و نطهّر الأرض الّتي نطؤها من الأشرار و سيذكرني التّاريخ ككلّ القادة العظام و سيذكرك أيضا كخادم مطيع،ألا يكفيك ذلك؟
_لكنّنا سنموت في النّهاية يا سيّدي و يأكلنا الدّود!
_ أوف..."شبيك ولّيت كالتّونسي... يعطيك دودة..تاكلك"!