الذِّكــْرَى الأُولَــى لطُوفَــان الأَقْصَــى07 أُكْتُوبــر23/24

خِيانَةَ مِحْوَر المُقَاوَمَة، أصبحت وجْهةَ نَظرٍ: قبل سنوات كتب "صلاح خلف (أبو إياد) " في كتابه (فلسطيني بلا هوية): (أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر) كانت عبارة كتبها صاحبها وهو يرى بأم العين رفاقه المناضلين اليسارويين الثورجيين وهم يبيعون ويتنازلون عن القضية خطوة بخطوة ويخلقون لذلك المبررات والأعذار، هذا هو حالنا اليوم فقد أصبحت الخيانة ليست وجهة نظر فقط بل أصبح لها منظرون ومدافعون ومتبجحون بهذه الخيانة بل الأدهى والأمر أن هؤلاء الخونة يخونون ويصفون كل من يخالفهم بالعمالة للخارج مرة باسم الطائفية ومرة باسم الوطنية، أصبحت الخيانة مشروعة بوجهة نظر هؤلاء وبها رهنوا مصيرهم بالمجرم القاتل المحتل فلقد أصبح للخونة زعماء ولديهم أتباع ومؤيدون ومنظرون يبررون خيانتهم لقضيتهم الأولى القضية الفلسطينية ومحور مقاومتها، فعبر كل المراحل التي مر بها الوطن قرأنا عن حالات فردية مشابهة لكنها مقنعة بالخجل على أقل اعتبار إذ لم تخل حقبة من حقب التاريخ من وجود غير معلن وغير محدود وغير معروف لخونة ومأجورين ومتخاذلين لقضيتهم، فلقد كانت الخيانة على مر العصور تجاهد كي تتوارى وتختفي ولا تظهر للعلن أما الآن فقد تمزق برقع الحياء عن وجوه البعض وأصبحوا بكل الصلافة والتعالي يجاهرون بعهرهم وخيانتهم ولا أتحدث عن غرائب ولا أبالغ ويستطيع أي كان ومن خلال تنقل سريع عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمقروءة أن يتأكد من:

-ما معنى أن يجنح البعض وبالفم الملآن إلى التشدق بمهادنة ومسايسة المطبعين في الوطن؟،

- كيف يمكن أن نفسر من يقول علانية وهو ينطق بالضاد بأن المناهض للتطبيع بأنه خائن؟،

-ما معنى أن نجد أعلام ورايات الكيان الإسرائيلي المحتل ترفرف في عاصمة المملكة الشريفة في تحدي لمشاعر المغاربة المؤمنين بعدالة قضية فلسطين وهنالك من يدافع ويبرر التطبيع؟،

تحل الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى 07 أكتوبر 2023/2024 ولا زال الشعب الفلسطيني الغزاوي يتجرع سياسة الإبادة والتهجير بوصفها السياسة الأبرز لعزل الفلسطينيين وتفتيتهم وشرذمتهم جغرافيا واقتصاديا واجتماعا بغرض تحقيق المشروع الصهيوني الإستعماري العنصري القائم على الطرد والتهجير القسري والتهويد والإستغلال وتشويه الحقائق وستظل هذه الذكرى علامة فارقة صنعها الشعب الفلسطيني دفاعا عن أرضه وتمسكا بهويته الوطنية وحقه الأزلي وأنه عصي على الطرد ومتمرد على الإقتلاع ورافض للرحيل، وفي هذا اليوم 07 أكتوبر 2024 تزداد معاناة الشعب الفلسطيني وخاصة المحاصر في غزة منذ سنوات من إبادة وتهجير وتجويع تحت الإحتلال الإسرائيلي وتتزايد مخاطره التي تهدد أسباب معيشته ووجوده وما تبقى من أرضه في ظل تغول سياسات الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة ونهمها الإستيطاني ونواياها لضم معظم أراضي الضفة الغربية المحتلة والقدس والأغوار وفي ظل واقع سياسي فلسطيني وإقليمي ودولي المتمثل أساسا في الدعم الغربي/الأمريكي المباشر وفي تواطؤ وخذلان عربي خاصة الأنظمة المطبعة مع كيان الإحتلال.

إن طوفان الأقصى هو الذي مثل الأمل الذي كانت تنتظره الجماهير العربية والإسلامية وهو الهبّة التي قلبت الطاولة في وجوه المطبعين وصحح البوصلة وكان أشبه بالكابوس على مسار التطبيع فقد حاولت دول التطبيع على مدى سنوات أن تشوّه وتخوّن صورة المقاومة الفلسطينية واللبنانية بشكل عام و اتهامها بالمتاجرة بالقضية وبالتصرف وفقا للمصالح الإيرانية على مصلحة الشعب الفلسطيني بل إن الأمر وصل حد وصم محور المقاومة بالإرهاب، ففي قراءة لمشهد ما بعد طوفان الأقصى فإن مشاريع التطبيع تلقت صفعة مدوية في خضم المعركة ويمكن أن نتوقع تراجعا في فعاليات التطبيع ولكنه تراجع مؤقت فالأنظمة العربية التي تسعى للتطبيع كالإمارات والبحرين والسعودية والمغرب فضلا عن الأردن و مصر بطبيعة الحال هي أنظمة ترى في علاقتها بإسرائيل مصلحة استراتيجية و هذه الأنظمة تطبع عمليا منذ سنين أو منذ عقود ولكنها أرادت الآن أن تمارس تطبيع التطبيع بحيث تجعل العلاقة مع الصهاينة علاقة مقبولة جماهيريا مع العلم أن العلاقة مع إسرائيل لا تعود بأي مصلحة على الأوطان وإنما المصلحة المرجوة هي مصلحة الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي التي تحتاج إلى الدعم الصهيوني في واشنطن.

إن خيانة المقاومة لن تكون يوما من الأيام وجهة نظر بل ستظل الخيانة خيانة وملعونة وملعون من قارفها ورضي بها وأقرها له منهج حياة فمعركة اليوم صعبة لأننا نعيش في زمن تسارعت فيه الأحداث واختلطت فيه المفاهيم وذابت فيه القيم والمبادئ والخيانة أصبحت وجهة نظر وخذلان للقضية فما كان مذموما مرفوضا بالأمس القريب أصبح اليوم مقبولا بل مستحب وإن سعي بعضِ هؤلاء الخائنين لشعوبهم تجميل وتبرير الخيانة بتغيير اسمها فيسمونها تارة (بتجنب الفتنة) وتارة (حتى لا نكون مثل سوريا)وتارة (بالمقدور الممكن)كل هذا لن يجعل الخيانة وجهة نظرٍ، إن مباهاة الخونة لن يجعل الخيانة مقبولة لا شرعا ولا عرفا ستبقى تطاردهم لعنتها وتلاحقهم فالتاريخ لا ينسى والشعب لا يرحم، إنه الزمن العجيب عندما تصبح الخيانة وجهة نظر تحتل الكثير من المنابر الإعلامية الذي يبيع الوهم ويشغل عن القضية الأولى بقضايا فارغة المعدة إعدادا ركيكا وهناك ما هو أسوأ أن يصبح للخونة أكاديميون ومثقفون يبررون لهم فعلتهم الشنعاء ويهاجمون من يحاول وقف فعلتهم ويتهمونهم بالتخوين والتجريح، للأسف الشديد خِيانَةَ مِحْوَر المُقَاوَمَة، أصبحت وجْهةَ نَظرٍ وأصبح الخونة يمارسون الوطنية وحتى إشعار آخر.

Commentaires - تعليقات
nidal cheficho
09/10/2024 16:45
أسوأ ما في الخيانة أنها لا تأتي من عدو، ففي الوقت الذي كان يقاوم ويستشهد فيه بعض الناس، كان هناك بعض من الناس ينتظر اللحظة ليقوم بدور الخائن،