محددات الانتخابات الرئاسية الامريكية:

يولي الكثير من العامة وبعض الخاصة اهتماما بوزن بعض المؤشرات في الانتخابات الرئاسية الامريكية، لكن المشكلة هي في دقة تحديد أوزان هذه المؤشرات، وقد سبق أن نشرنا دراسة تفصيلية حول هذا الموضوع، ونوجز بعض ما ورد فيها بهذا الخصوص:

1. دلت الدراسات العلمية أنه منذ 2010 إلى مطلع 2024، تراوح وزن الشأن الخارجي بين 1-10% فقط في تحديد اتجاهات التصويت عند الناخب الأمريكي، لكن الملفت للنظر أن وزن هذا المتغير يتزايد في اتجاهه العام نظراً لتماهي المتغيرات الخارجية بالداخلية بفعل آليات العولمة، لكن هذا المتغير ما زال قاصراً عن أن يحتل مركز المتغير الحاكم في تحديد سلوك الناخب، فهو دائماً يأتي في المرتبة الأقل من حيث أهمية تحديد قرار الناخب الأمريكي، ويسبقه عدد غير قليل من الموضوعات الداخلية الأخرى، مثل الوضع الاقتصادي، والجريمة، والبيئة، والحقوق المدنية، وحجم الإدارة الحكومية، والإجهاض، والعنصرية…إلخ، لكن الضرورة تقتضي التنبه إلى تزايد وزن هذا المؤشر بشكل خطي في العقدين الماضيين، وهو ما أكده الديبلوماسيون الأمريكيون أنفسهم. والملاحظ أن معركة طوفان الأقصى فرضت نفسها على المناقشات والمواقف داخل المجتمع الأمريكي، وأثّرت على توجهات الطيف السياسي داخل الحزبين ، وهو ما يعزز من أثر التكنولوجيا في “عولمة الخبر وتداعياته”، وجعلته شأناً داخلياً بقدر أكبر مما كان عليه الحال سابقاً، ناهيك عن تزايد وشائج الترابط العضوي بين وحدات المجتمع الدولي مما يزيد من تماهي الداخل والخارج.

2. إن قرار الناخب الأمريكي هو نتيجة لصورة تراكمية عن المرشحين وليس نتيجة ظرفية للحظة الانتخاب، أي أن الفكرة السائدة عن المرشح هي الأساس في قرار الناخب، وليس المناظرات والدعاية لحظة الانتخابات، فهذه لم يكن لها طبقاً للدراسات الكمية إلا تأثير هامشي على خيارات الناخب الأمريكي بين المتنافسين على الرئاسة.

3. إن الاعتماد على استطلاعات الرأي في تحديد الفائز لا يدل على نتائج يُطمَأن إليها في التنبؤ، فعند رصد هذه المسألة خلال الانتخابات الرئاسية منذ سنة 1948 (أي بعد الحرب العالمية) إلى سنة 2020، ومقارنة نتائج استطلاعات الرأي ونتائج الانتخابات طيلة هذه الفترة، أظهرت أن الاستطلاعات كانت صحيحة بنسبة تراوح بين 58-60%.

4. تأثير المرشحين المستقلين محدود للغاية في التأثير على النتائج، فمنذ 1832 إلى الآن كان معدل حصول المرشحين المستقلين في 13 انتخابات رئاسية شارك فيها مرشح مستقل هو 5% من الأصوات، مع ملاحظة أن المستقلين يجذبون أصواتهم من الطرفين المتنافسين، مما يجعل تأثيرهم على النتيجة النهائية محدوداً.

5. إن الحملات الانتخابية قد تُقلِّص الفارق بين المتنافسين لكنها لا تقلب النتائج (أي لا تجعل المتقدم يخسر تقدمه لكنها تقلص الفارق بينه وبين ما يليه في المرتبة).

6. تشير المعطيات الكمية إلى أن 22 رئيساً ترشحوا للانتخاب لدورة ثانية، فشل منهم 10 (7 جمهوريين و3 ديموقراطيين)، ونجح 12 (6 لكل حزب من الحزين)، وهو ما يعني ان احتمال فوز ترامب طبقا لهذا المؤشر فقط هو اقل من 30 %.

7. شكَّلت الكلية الانتخابية electoral college موضع نقاش كبير في آليات الانتخابات الرئاسية، فالرئيس الأمريكي لا ينتخب مباشرة من الشعب بل من الكلية الانتخابية، ومن بين 58 جولة من الانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة فاز 5 رؤساء عبر الكلية الانتخابية، على الرغم من عدم فوزهم في مجموع الأصوات التي حصلوا عليها شعبياً، وهو ما يعني أن نسبة احتمال تغيير الكلية الانتخابية للنتائج هو 6%.(وكان ترامب هو أحد الخمسة من الفائزين بالكلية الانتخابية)،فهل يتكرر المشهد ثانية مع هاريس كما وقع مع هيلاري كلينتون.

8. ومن الملاحظات التي يجب التنبه لها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أنه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية بدأ الفارق الكمي في الأصوات في الانتخابات بين المرشحين يتضاءل منذ 1945 الى 2020 وبشكل شبه خطي، مما يوحي باستقرار التوجه السياسي العام بينما التباين مقتصر بين الحزبين على بعض التفاصيل

9-يصوت اغلب اليهود دائما مع المرشح الديمقراطي، وحيث ان نسبتهم السكانية هي في حدود 2%, فان وزنهم الانتخابي محدود، وتكمن قوتهم لا في الوزن الانتخابي بل في النفوذ المالي والاعلامي، وفي إيصال شخصيات يهودية إلى المؤسسات الهامة، وتشكل نسبة اليهود في المناصب العليا في الوزارات والكونجرس حوالي ثلاثة أضعاف نسبتهم السكانية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات