فرنسا مثلا.. والسعودية مثلا آخر

فرنسا لم يشفع لها تأييدها للكيان الصهيوني سياسيا وعسكريا وإعلاميا منذ اليوم الأول وعلى امتداد سنة وشهرين كاملين الآن من العدوان على غزة، حتى وصل بها الأمر كما نعرف إلى منع التظاهر فيها تأييدا لغزة، ومع ذلك فذلك لم يشفع لها للمشاركة في التفاوض من أجل وقف إطلاق النار في لبنان، فاشترط عليها ناتنياهو من أجل ذلك، حتى تظهر للبنانيين مطريتها المهترئة، أن تضمن له هو الحصانة أمام المحكمة الجنائية الدولية أي أن تتنازل عن الالتزام بأوامر الاعتقال التي أصدرتها ضده وضد وزير الحرب غالانت.

طبعا عدم التدخل الفرنسي في وقته من أجل تجسيد حمايتها للبنان الذي كانت طيلة قرنين تتصرف كقوة حامية، جعلها عمليا خارج اللعبة، وهو ما اضطرها إلى أن تتعكز على الكيان الصهيوني لتعود إلى دورها التقليدي في لبنان، وتخلّت عن كل كلامها عن حقوق الإنسان التي جاءت بها الثورة الفرنسية، فضلا عن القانون الدولي وحق الشعوب الخ الخ. هل بعد هذا السقوط سقوط؟

الفاعل الآخر في لبنان هو السعودية، نتذكر اتفاق الطائف، أو اختطاف أو بالأحرى اعتقال رئيس الحكومة اللبنانية في الرياض، ثم تدخلت عدة قوى دولية من أجل إطلاق سراحه.

السعودية مثلها مثل فرنسا فاتها التدخل خلال العدوان على لبنان، بقيت تتفرج كما كانت تتفرج على غزة، وسلوك مثل هذا لا يمكن صاحبه من دور الفاعل أو دور وازن، ولم يبق لها بالتالي مجال للعودة إلى سالف دورها، إلا بما يسمح لها به ناتنياهو، والأكيد أنه اشترط عليها أيضا شروطا غير الشرط الذي وضعه لفرنسا، لأنه يعرف أن السعوديين لن يقبضوا عليه لتسليمه إلى المحكمة الجنائية، وعذرهم أن بلادهم لا تعترف بتلك المحكمة، وإنما شرطه عليهم ولا شك هو التطبيع الكامل، وبما أنهم ملتزمون بهذا الشرط يوم تقف الحرب في غزة، فالشرط الأهم قد يكون التخلي عن الكلام عن الدولة الفلسطينية، حتى وإن كان يعرف أن ذلك هو بيع للكلام لبعض من يثق فيهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات