يا سادة لا نريدكم ان تساندوا الحكام الجدد في سوريا بل نريدكم أن تتمردوا وأنتم من يدعون الانتماء الى اليسار على كل الجلادين أجمعين

لم يرد في تدويناتنا بعد سقوط نظام بشار الأسد الدموي أي كلام يشير الى مدح للمجموعات الإسلامية التي تحكم الان في سوريا ولم يدر بخلدنا أن ندافع عنها أو عن أطروحاتها ولكن من الغريب أن يحضر البعض وفيهم من أصدقائنا في تعليقاتهم على تدويناتنا الاخيرة تلك القضايا التي احترفوا الحديث عنها. نتحدث عن جرائم نظام البعث السوري فيخرجون لك من جيوبهم بمناسبة ودون مناسبة صورة التطرف الإسلامي وكأنهم يخرجون لنا الشيطان الرجيم لا ليثبتوا لنا انه كذلك بل ليرهبونا ويرهبوا غيرنا ، وهذا يذكرني بما كانت تفعله الإدارة الأمريكية التي كانت تعلم حق العلم أن باللادن انتهى منذ 2002 ولكنها ظلت تسوق خطره لتبرر حربها ضد ما يسميه جون بيار فوليو في كتاب له بعنوان "حيوات القاعدة التسعة" المنشور سنة 2009" النضالات الإسلامية" . هذه النضالات التي توظفها إسرائيل والأنظمة العربية، الأولى من اجل التملص من عملية السلام باسم مقاومة حماس والثانية لمحاصرة كل صوت معارض باسم مقاومة التطرف الذي ليس في الواقع غير مولود محاضن الاستبداد التي تمثلها الأنظمة العربية سواء تلك التي تستند إلى فكر ديني أو تلك التي تتشدق بحداثة تمس كل شيء إلا حق الشعوب في أن تختار من يسوسها.

والجدير بالذكر إن وهم بالادن هذا كان موضوع تصريحات مثيرة قدمها ألان شووي من الإدارة العامة للأمن الخارجي الفرنسية أواخر شهر جانفي 2010 في ندوة نظمها مجلس الشيوخ والتي أكد فيها أن الإلحاح على فكر باللادن وإخراج" الجثة من قبرها "في إحدى مغارات وزيرستان والتلويح باستمرار بخطرها قد أدى في الواقع إلى نتيجتين متوازيتين وغير متوقعتين وهو أن كل المعارضين الإسلاميين مهما كانت أغراضهم قد اكتشفوا انه من صالحهم إعلان انتمائهم إلى القاعدة إذا كانوا يريدون أن يؤخذوا بعين الاعتبار وان يهتم بهم العالم وخاصة الغرب كما أن الأنظمة العربية تفطنت الى انه من صالحها أن تنسب أي معارض لها إلى تنظيم القاعدة والإرهاب الاسلاموي حتى تتمكن من قمع خصومها على "راحتها" وبدعم من الغرب أيضا. لقد أكد ألان شووي انه حان الوقت ليفهم الغرب أن الخطر لا يكمن في المجموعات الإسلامية فقط وإنما في الأنظمة العربية اللاديمقراطية ذاتها.

ولذلك لا نستغرب الا يملك البعض من خطابهم غير لغة التخويف وهم يدّعون مقاومة التطرف الإسلامي .

نزعة الاستئصال لدى من يدعون الانتماء الى اليسار

بعض المثقفين الذين يدعون الانتساب الى اليسار سواء كانوا قوميين او ماركسيين ، يتماهون مع السلطة المستبدة بوعي منهم أو من غير وعي، فيتحولون إلى مروّجين لأيديولوجيتها وقيمها بل و يتماهون مع نزعتها للاستئصال وشيطنة الآخر المختلف معها. وهو السلوك الذي تمارسه الأنظمة التي لا شرعية ديمقراطية لها مع الحركات الإسلامية التي وبقطع النظر عن قدرتها الفعلية على التطور في اتجاه الإقرار بالدولة المدنية وتخلصها من وهم تطبيق الشريعة " فالدولة دنيوية بالضرورة حتى وان ادعت أنها دينية مثلما أن الدين ملطخ بدنس المصالح المادية حتى وان ادعى العفة الشخصية " فإن أي تنازلات يمكن أن تقدمها هذه الحركات لكي تقترب من الدولة المدنية مثلا لن تزيد السلطة إلا خوفا منها، لأن تمسكها بنهجها الطوباوي المتشدد هو الذي يوفر للأنظمة فرصة التحريض عليها واستخدام ذلك لابتزاز الغرب المتواطئ معها والداعم لها طالما أن هذه الانظمة لا تهدد مصالحه ومصالح الدولة الصهيونية المعتدية الغازية للأرض العربية مع العلم أن هذا التحريض لا يأتي من السلطة فقط بل من بعض من يسمون أنفسهم ديمقراطيين أو علمانيين فيسكتون على كل صور التعذيب البشعة وكل التجاوزات الأمنية أو القضائية التي لا تعنيهم إذا مست الإسلاميين ( اذا دافعت اليوم عن حق الاسلاميين في تونس في محاكمة عادلة فانت متواطئ مع الارهاب ) بل تجدهم في قائمة المتسلقين المباركين المثمنين أو الصامتين الذين يبيعون سكوتهم بمقابل…ولا يختلف هذا الموقف عن بعض المفكرين أو الدارسين الذين يتناولون ظاهرة التطرف "حيث يعرضون عن التعامل معها كظاهرة اجتماعية لها أسبابها الموضوعية، ويسرعون إلى مواجهتها بتطرف مضاد فيقع خنق الحريات والقمع ضد الجميع والتشويه الإعلامي والنفاق" والسمسرة و الإقصاء لكل معارض سواء كان إسلاميا أو يساريا علمانيا لان المقصود بالقمع ليس الإسلاميين فقط بل المعارضة بكل أطيافها حفاظا من الطغاة المستبدين على كراسيهم.

فلتكن لدينا إذن الشجاعة لنشير إلى الاستبداد في كليته المشؤومة لا في جزئيته التي نحولها إلى أفكار تباع وتشترى في سوق السياسة حيث لا ضرر ولا ضرار ولا نكون مثل العميان الذين طلب منهم وصف الفيل فلم « يبصروا » منه غير ما تحسسته أيديهم. وليلاحظ قارئنا ان اتهامنا بمناصرة التطرف الإسلامي والإرهاب هو ذات التهمة الموجهة اليوم الى سجناء الراي في تونس . لم نكن نبغي مع من يتهموننا بمناصرة الإرهاب سجالا بل حورا ولكنهم حولوا الحوار إلى معركة يدفع فيها متهمونا بالحوار إلى مربع التطرف الإسلامي ويستعملون في سبيل ذلك كل الوسائل والحيل. يبدو أن عقل باللادن يسكن فكر البعض وهم لا يعلمون وان الأصولية أصوليات منها المعلوم المفضوح ومنها المضمر المستتر.

ملاحظة أخيرة ونغلق الحوار …يا سادة لا نريدكم ان تساندوا الحكام الجدد في سوريا بل نريدكم أن تتمردوا وأنتم من يدعون الانتماء الى اليسار على كل الجلادين أجمعين.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات