بيان "الرّابطة" حول المستجدّات في سوريا لم يرتق إلى مستوى الحدث كما لم يرتق من قبل في مناسبات كثيرة، ولن يرتقي مستقبلا، بسبب الجمود الفكري و الحميّة الايديولوجيّة. بعضه، نواح ولطيمة على حكم ساقط، وبعضه الآخر، تنكيد على الشّعب السّوري وإفساد لفرحته. لم يفكر من صاغوا البيان في المليون قتيل وبأيّ ذنب قتلوا؟ ولم يفكّروا في ملايين المهجّرين وبأيّ ذنب هجّروا؟ ولم يفكّروا في ضحايا التعذيب وما فعل بهم زبانية الاسد ، فقط فكّروا في الإنتصار للأيديولوجيا ولو بتزييف الحقائق.
وبينما يهرب المخلوع ويغدر بمقرّبين منه، من عائلته ومن عسكريين و سياسيين، فيخبرهم من باب المراوغة أنّه ذاهب إلى لقاء هام، و في حقيقة الأمر، كان يرتّب لهروب هامّ، وبينما يحتفل الشّعب السّوري بنجاح ثورته ويعود المهجرون إلى ديارهم ، يأتي بيان الرابطة ناكرا لكلّ الحقائق،متعاطفا مع الجلّاد وناقما على المعذّبين المكتوين بنار الاستبداد ان يفرحوا بفكّ قيود استبداديّة امتدّ لأكثر من خمسين عاما.
يعتبر البيان أنّ ماجري" يندرج في إطار مشروع استعماري قائم على تواطئ قوى موغلة في الرّجعيّة من أجل توسيع الكيان وتقسيم سوريا..."دعك من حديثهم عن الصّهيونيّة والتّقسيم وتواطئ القوي الإستعماريّة و الرّجعيّة، فهو حديث الصّدمة ممّا جرى. أليس الهارب، هو من قسّم سوريا؟ هل كانت سوريا موحّدة على عهده؟ ومتى كانت سوريا لكلّ السّورين؟ ألم يجعل بشّار من سوريا ملتقى للغزاة و المليشيات؟ ألم تكن علاقة المخلوع بالصٍهيونيّة على أحسن حال وفي هدود تام على جبهة الجولان المحتلّ؟
ولكنّ العمى الايديولوجيّ والأفكار البائسة، عندما يتحكّمان في العقول، يحجبان رؤية الحقائق، فيصبح إفساد فرحة شعب بثورته من القضايا الجوهريّة، ويصبح التّحرّر من الاستبداد مؤامرة على نظام حكم باطش ، سجونه وفروعه الامنيّة أكثر من عدد مدارسه وجامعاته،فمن أين جاءته صفة" التّقدّميّة" التي نسبها له البيان ونسبها من صاغوا بيان الرّداءة لأنفسهم بالتّبعيّة.