العلمانية في سورية : علمانية جهادية-سلطوية

بلى، كانت العلمانية في سورية إيديولوجية داجنة دون أدنى حد من المحتوى النقدي حيال الحكم الأسدي طوال عقود. لا بل كانت ضرباً من الإيديولوجية العضوية لتي تربط ضباط مخابرات وفنانين ومثقفين، وتضفي الشرعية على اغتياب قطاعات متسعة من المجتمع السوري، وليس الإسلاميين وحدهم.

لم يخط كبار دعاة ما أسميها العلمانية السلطوية، أو أحياناً العلمانية الجهادية، مقالة واحدة في نقد النظام، ولم يكونوا عدائيين ضد الإسلاميين فقط، وإنما كذلك ضد أمثالنا من الديمقراطيين، ممن يدافعون عن أولوية التغير السياسي والحريات العامة والانتخابات الحرة.

لا تستعيد العلمانية كرامتها وشحنتها النقدية في سورية دون مراجعة جذرية لهذا السجل المشين. بل هي مرشحة اليوم لأن تكون إيديولوجية الفلول، شاهدة زور على الحاضر مثلما كانت شاهدة زور على الماضي القريب.

مع احترامي لبعض من كانوا في ساحة الأمويين البارحة، أخشى أننا حيال ما يقارب حركة تمرد المصرية التي أعارت كتفيها لصعود السيسي.

لا أزال أعتقد بأن سورية في دائرة الخطر، وأن تشبيكاً بين فلول النظام الأمنية والعسكرية ورعاة إقليميين هو أكبر مخاطر اليوم. التغير وقع في سورية بسرعة خاطفة، ولم تلحق قوى الثورة المضادة ترتيب أوراقها. لا شك أنها ستبدأ أو بدأت سلفاً بمحاول التطويق وربما الدفع للانهيار.

وربما تكون بيروت هي ساحة تشبيك بين أخريات. في هذا الشأن مهم أن تعلن حكومة الأمر الواقع القائمة أن سورية لن تكون مقراً أو ممراً لأي قوى تلحق الضرر بالمصالح الوطنية اللبنانية، وتطالب بتعهد مماثل بأن لا يكون لبنان مقراً أو ممراً لما يؤذي سورية الجديدة، ولذلك تدعو السلطات اللبنانية إلى تسليم ضباط النظام الفارين إلى بيروت.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات