إطلاق سراح سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، ورياض الموخر الوزير والبرلماني السابق، والإعلامي محمد بوغلاب، مقدمات إيجابية يمكن أن تكون عنوان انفراج سياسي وطني، على أن تتلوها قرارات جريئة أخرى من السلطة الحاكمة، بإطلاق سراح رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومختلف قادتها، ولطفي المرايحي رئيس الاتحاد الشعبي الجمهوري، وغازي الشواشي الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي، وعصام الشابي أمين العام الحزب الجمهوري، والمرشّح الرئاسي وأمين عام حزب عازمون العياشي الزمال، وكافة المتهمين فيما يسمى قضايا التآمر، وسجناء الاعلام الحرّ برهان بسيس ومراد الزغيدي وسنية الدهماني، وسجناء جمعيات المجتمع المدني وكل من ظُلم لرأي صدع به أو نشاط سياسي أو مدني مارسه.
السجون والمعتقلات لا تقتل أهل الرأي والسياسة ومن يشتغل بالشأن العام، وإنما تحولهم إلى أبطال في مجتمعاتهم وتصنع لهم أمجادا تاريخية لدى من جايلهم والأجيال اللاحقة، والأمثلة التاريخية الدالة على صحة هذا القول أكبر من أن تحصى في تجارب الشعوب والدول والمجتمعات.
من يريد أن يهزم منافس أو غريم سياسي عليه بالاحتكام إلى صندوق الاقتراع دون غيره، معالجة قضايا السياسة بالوسائل الزجرية وسلب الحرية آثاره كانت دائما سلبية على كل الحكام والحكومات التي مارست هذا الخيار.
لا شيء ربحته تونس من وراء سجن السياسيين والإعلاميين وأصحاب الرأي، بينما خسرت سمعتها ومكسبها التاريخي في تكون البلد العربي الديمقراطي الوحيد.
والديمقراطية لا تقتصر مزاياها على التداول السلمي على السلطة بما يضمن استقرار المجتمع ووحدته وتقدمه، وإنما هي بمثابة الرأسمال الرمزي الثمين الذي يحقق لمجتمعات دون غيرها نهوضا مجتمعيا سمته التعايش والتآزر والتضامن في ظل دولة القانون، ويؤمّن مكاسب مادية وحضارية جمّة.