البنك المركزي اعلن التّرفيع في سعر الفائدة الرّئيسي متاعو، او ما يسمّى بالفرنسية le taux directeur de la BCT، الي طلع من 6,75% الى 7,75%... هات نحاولو نفهمو الحكاية مع بعضنا مع شيء من التبسيط،... هيّا برّا نقصدو ربّي، الثنيّة طويلة راهي، و الي عندو نفس بإذن الله ما يندمش على الرّحلة.
البنوك المركزيّة في العالم اجمع، مهمّتها الاولى، هي السياسة النّقديّة متاع البلاد، وتتمثّل أساسا في التحكّم في زوز حاجات هي: قدّاش حجم فلوس الي تدور في البلاد وقدّاش نسبة الانتيريس في البلاد…
حجم الفلوس الي تدور في البلاد، يتحكّم فيه أساسا عبر قوانين اسناد القروض الي يفرضها على البنوك، و عبر المعايير الي يفرضها على طريقة تصرف البنوك في اموالها، و اخيرا عبر المبلغ الي يسلفو هو للبنوك... أي نعم... خاطر البنوك لمّا تستحق، تنجّم تتسلّف من البنك المركزي على نهار او على جمعة او اكثر..
اما نسبة الانتيريس في البلاد، فيتحكّم فيها البنك المركزي عبر نسبة الفائدة الرّئيسيّة متاعو او الtaux directeur الي نحكيو عليه... و اليوم باش نحاولو نفهمو مع بعضنا هالtaux directeur و شنوّا تأثيرو على حياة المواطن العادي…
شنوّا الtaux directeur بالضبط؟
الترجمة الأقرب بالعربيّة هي النّسبة التّوجيهيّة الي يحدّدها البنك المركزي لإقتصاد البلاد، و النسبة هذي ما تتغيّرش يوميّا او حتّى شهريّا حسب تطوّر السّوق، و انّما تتغيّر بقرار من مجلس إدارة البنك المركزي، مرّة كلّ بعض اشهر في اغلب الأحيان، و ساعات تقعد أعوام ما تتبدّلش (كيما بين 2003 و 2006، و بين 2006 و 2009)... و المقصود بالنّسبة التّوجيهيّة، هو النسبة الي توجّه باقي النّسب، يعني طلوع الtaux directeur و هبوطو، يليه مباشرة تغيير في باقي النسب النّقديّة في البلاد، و الي المواطن ما يعرف منها الّا الTMM…
شنوّا الـTMM؟
في العالم اجمع، البنوك العاديّة تتسلّف من بعضها على نهار، لاسباب تتعلّق بتوازناتها الماليّة كلّ يوم، و طبعا السلف يتمّ بالانتيريس…
لمّا البنوك تتسلّف من بعضها على نهار، فإنّو نسبة الانتيريس الي يطبقوها على بعضهم تتسمّى نسبة الفائدة في السّوق النّقديّة، و معدّل النّسبة هذي على 30 يوم، يتسمّى الـ TMM او معدّل نسبة الفائدة في السّوق النّقديّة على شهر (مثلا TMM جانفي 2019 هو 7,24%%)... يعني الTMM هو معدل شهري لنسبة الانتيريس الي تدفعها البانكا لمّا تتسلّف من بانكا أخرى على نهار... و الTMMهذا، هو الي يعرفوه المواطنين الي خذاو قروضات… خاطر البانكا لمّا تعطيهم قرض على 15 سنة او اقل، ما تقلهمش راهو الانتيريس كذا في الميا، و انّما تقلهم الانتيريس هو TMM + هامش ( نقطة او 2 او اكثر حسب البنك و نوع القرض) …
آي و شنيّة علاقة الTMM بالtaux directeur؟
باهي، قلنا البنوك تتسلّف من بعضها يوميّا على نهار.... فرضا توّا، بنك ما يلقاش بنك آخر يسلفو على نهار؟ شنوّا يعمل؟.... وقتها يمشي للبنك المركزي يتسلّف من عندو، و كيف كيف بالطبيعة، البنك المركزي زادا ما يسلّف كان بالانتيريس... و هوني يدخل دور الtaux directeur متاع البنك المركزي... البنك المركزي يقول للبنوك: الي ما لقاش شكون يسلفو على نهار، مرحبا بيه، يجيني انا نسلفو، بشرط ناخذ عليه نسبة انتيريس تساوي الtaux directeur + 1%... يعني اليوم، اذا بانكا تمشي للبنك المركزي باش تتسلّف على نهار، تدفع 8.75%انتيريس: هي الـ 7,75% متاع الtaux directeur + الـ 1%...
نعاود و نحوصل، من جهة عندنا بنوك تسلّف لبعضها على نهار بنسبة انتيريس الي تتغيّر كلّ يوم حسب العرض و الطّلب بين البنوك...، و من جهة ثانية، أي بنك ما تعجبوش نسبة الفائدة المتداولة بين البنوك، عندو حل انّو يتسلّف مباشرة من البنك المركزي على نهار، و بنسبة انتيريس معروفة مسبقا تساوي الtaux directeur+1%...
باهييي، نتصوّرو توّا انا بانكا عندي فائض سيولة نحبّ نسلّفهم على نهار للبنوك الأخرى... ما انّجّمش نطلب عليهم نسبة انتيريس اكثر من الtaux directeur + 1%، خاطر بكلّ بساطة، وقتها يبعثوني نقضي، و يمشيو يتسلفو من البنك المركزي بنسبة تساوي الtaux directeur + 1%... الوضعيّة هذي، تخلّي الTMM ديما اقلّ من الtaux directeur + 1%... و هكّا، البنك المركزي، اذا يطلّع في الtaux directeur متاعو، فإنّو آليّا يفتح الباب باش الTMM يطلع، و اذا يهبّط في الtaux directeur متاعو، فإنّو آليّا يخلّي الTMM يهبط... و العملية هذي تنجمو تشوفوها في تصويرة من تصاور الصفحة، و تلقاو فيها تطور الTMM و الTaux directeur من 2011 الى اليوم
الخلاصة من هذا الكلّ، عمليّة التّرفيع في الtaux directeur متاع البنك المركزي، باش تأدّي نظريّا لارتفاع نسبة الـ TMM، و الي بدورها باش تأدّي للتّرفيع في نسبة الفائدة الي يدفعوها المواطنين و الشّركات على القروضات الي ياخذوها من عند البنوك…
يقول القايل علاش؟ فاش قام هذا الكلّ؟ آآآآآآآآآآآش لز حمّة؟
من اوكد مهامّ أي بنك مركزي في العالم، التحكّم في ارتفاع الأسعار او ما يسمّى بالتضخّم، في تونس، حسب المعهد الوطني للإحصاء نسبة تضخّم الأسعار، بلغ 7,1% في جانفي 2019 مقارنة ب6,9% فب جانفي 2017... يعني الشّي عمّال يزيد، و هذا اذا تواصل باش يقضي على المقدرة الشرائيّة للمواطن... واحد من أسباب ارتفاع الأسعار، هو كثرة الطّلب على السّلع و قلّة الانتاج الي يوفّر هذه السلع…
لمّا البنك المركزي يرفع في نسبة الانتيريس في البلاد، كيما صار البوم، فإنّو آليّا يصعّب عمليّة اللّجوء للاقتراض على المواطنين و الشركات، و بالطريقة هذي، ينقّص من قدرتهم على الحصول على موارد اضافيّة، و ينقّص بالتّالي من الطّلب على السّلع، و لمّا ينقص الطّلب على السّلع، أسعارها ترخص... كيف كيف، العمليّة هذي باش ترفع من مبلغ القصاصات متاع خلاص القروضات الي ديجا واخذينها المواطنين و الشركات و الي مازلت قاعدة تخلص حاليا (الارتفاع هذا ما يظهر فعليا و بشكل محسوس الا بعد 6 شهور تقريبا، لان البنوك مقيدة بسعر فائدة قصوى تحددو وزارة المالية في جانفي و جويليةمن كل سنة)، و هذا شي ينقّص من مواردهم، و يخلّيهم ينقصو مصروف، و ينقص الطلب على السلع، و سعرها يرخص، ...
لكن يقول القايل، صعوبة الحصول على القروض معناها اقل استهلاك و اقل استثمار، و اقل نموّ، و خاصة مصروف اقتطاع اكثر على اجور المواطنين الي عندهم قروض بنسبة فائدة متغيرة يا ترى باش ينجمو يقاومو؟ الشركات الي عندها ديون و الفائدة عليها باش ترتفع، باش تنجم تقاوم؟ و ايضا، اثر كارثي على ميزانية الدولة الي مستقبلا اسعار فائدة ديونها الجديدة من البنوك باش تكون اعلى... آش عملنا و جاء مليح خصوصا و انو هذا الترفيع الكبير الثالث في اقل من عامين؟ هوني المسألة تصبح مسألة اولويّات، تسيير اقتصاد بلاد، يعتمد على عديد العوامل و المؤشّرات المتناقضة أحيانا، و القيادة الاقتصاديّة في الأيام العاديّة هي سياسة مراقبة و تعديل دائم للمؤشّرات، و في أوقات الازمات، يتمّ طبعا البداية بمعالجة المؤشّر الأكثر سوء، و التضخم مؤشر كارثي، يأثر على سعر صرف الدينار بشكل كبير، حاليا ما عنديش راي قطعي حول جودة او سوء هذه العملية، لازم دراسة لاكثر معطيات، ان شاء الله نلقالها الوقت…
هوني لازم نفهمو حاجة، هي انّو بداية الترفيع في ال taux directeur صارت في افريل 2017، و تلتها ترفيعات في ماي 2017 و جوان 2018 و اخبرا اليوم، لكن الأثر عالأسعار متاع عمليّة الترفيع في الـ taux directeur متاع البنك المركزي، ما يظهر الّا بعد عام و نصف - عامين، و هي المدّة اللّازمة باش يوصل اثر السياسة النّقديّة الى الاقتصاد الحقيقي و مستوى عيش النّاس…