حفتر والمخزن.. واللعب بالنار

Photo

تحرُّك خليفة حفتر شرقا والمناورات العسكرية المغربية "الضخمة" غربا في وقت واحد وفي هذا التوقيت بالذات هو تهديد صريح للجيش الجزائري..

إنها ورقة أخرى لـ"آل بوتفليقة" عبر حلفاءهم الدوليين. ليس حفتر بل ولي نعمته، وكذلك ليس المخزن بل من وراءه.

صحيح أن حفتر والمخزن قد لا يجرآن على شن عمل عسكري مباشر ضد الجزائر، لكن إن شنَ المغرب حربا على جبهة البوليساريو فإنه سيشعل حدودنا الغربية. والهدف هو استنفار الجيش الجزائري وإرهاقه واستنزافه بحرب على حدوده..

بالتوازي مع ذلك، سيكون الحال نفسه على الحدود الشرقية. سيساوم حفتر لإشعال الحدود الليبية الجزائرية مقابل تسهيل سيطرته على طرابلس وكل ليبيا. واذا تابعنا التصريحات الجانبية لجيش حفتر فقد تحَدّث قبل أيام عن إرهابيين تتم مطاردتهم حاليا في عمليته العسكرية. وتحدث اليوم عن "تنظيم داعش الذي يقدم دعما لأرهابيي طرابلس".

سيفر هؤلاء (الإرهابيون المبعوثون بالطبع) إلى الحدود الجزائرية وقد يتسللون إلى الجزائر.. وتشتعل الجبهة الشرقية كذلك بالإرهابيين وتهريب الأسلحة.

إن حدث فهو إعلان حرب حقيقية الهدف منها كما ذكرنا إضعاف الجيش، إرهاقه، استنزافه. بل وتهديده بورقة الضغط هذه ليتراجع عن مواقفه الأخيرة من الحراك الشعبي في الداخل.

جزء من رد الجيش الجزائري قد ظهر. وكان أمس الإثنين عبر التمرين بالذخيرة الحية الذي يجريه الجيش حاليا بالناحية العسكرية الرابعة بالغرب الجزائري. ليتبعه ڨايد صالح بتصريح اليوم الثلاثاء بالإصرار أن "الجيش سيبقى منسجما مع حق الشعب الشرعي". وقد يعود ڨايد صالح لورڨلة جنوب شرق البلاد في قادم الأيام.

هذه نظرة راهنة متماشية مع المتغيرات. لكن إن وسّعنا النظرة أكثر سنجد أن مؤسسة المخابرات قد عملوا على إضعافها وتشتيتها منذ 2015. بل وتمييع صورتها، ونتذكر قبل فترة كيف قام مدير إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة بتسريب تسجيل هاتفي لضابط مخابراتي يترجى مدير القناة بطريقة مهينة.

ثم تحولوا بعدها في مرحلة "العهدة الخامسة" لمؤسسة الرئاسة وأضعفوها وميّعوها هي كذلك. والآن الهدف الحالي والقادم هو إسقاط وإضعاف الجيش. طبعا أنا هنا أتحدث عن إضعاف المؤسسات وليس إزاحة الأشخاص. فالأشخاص يتغيرون والمؤسسات تبقى.

اعتقد أن مؤسسة الجيش أكثر من فهم اللعبة بخلفياتها وأهدافها. لذلك سارعت إلى إعادة هيكلة مؤسسة المخابرات بإرجاعها تحت وصاية وزارة الدفاع قبل أسبوع، إضافة لمطالبة الجيش عبر قائد أركانه دائما بالحل الدستوري للأزمة، الأخير الذي يعني الإسراع بانتخاب رئيس للبلاد لأجل إعادة الترتيب السريعة لمؤسسة الرئاسة وغيرها من ركائز ومؤسسات الدولة المستهدفة.

إن حدث سيناريو إشعال الحدود وهو ما لا نتمناه، فستكون طعنة في الظهر ولعبا بالنار قد قرر حفتر والمخزن إشعالها ولم يُقَدّرُوا مداها وانعكاسها. وبدون شك لن يكون إخمادها بأيديهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات