سؤال لا إجابة عنه موثّقة بتحقيق وتدقيق مهنيّين، إلى حدّ الآن، إذ بقي الحديث عن إيقاف مدير قناة نسمة رهن السجالات القانونية غير المؤسسة في إعلام غير مستقل، في معظمه، عن صراع لوبيات المال والمصالح والمافيا.
هل كان الإيقاف نتيجة "تعليمات" من الحكومة ورئيسها؟ الإجابة مهمة في كشفها عن حال القضاء فيما يرجى من استقلاله في علاقته بتقاليد التعليمات البغيضة.
وإذا كان هناك تعليمات فمن أي جهة صدرت؟ ولأية غاية كانت ؟ التعليمات سلوك مرفوض حتى وإن كان بقناعة راسخة لإنقاذ الدولة والديمقراطيّة.
ومع ذلك، فإنّ هذه القناعة لا يؤكدّها أداء رئيس الحكومة وفريقه وتقاطعاته مع المافيا ولوبيات المصالح رغم إعلانه محاربتها تحت عنوان أكبر كان أطلقه وهو "الحرب على الفساد". وقدتكشّفت حقيقة هذه الحرب المزعومة منذ الأشهر الأولى من انطلاقها عن انتقائية تدفع إلى اعتبارها "حربا بين فاسدين".ولم تسلم من هذه الشبهة حتى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
هناك قدرة على التشويش على الأسئلة الأساسية، وتلك تقاليد مفيوزية معروفة أنقذت المنظومة ومكّنتها من إعادة الانتشار، وأسعفتها بأن تتجاوز كونها طرفا في صراع القديم والجديد المتحوّل بسرعة من طور إلى آخر ، ليصبح "الصراع الرئيسي" بين أجنحتها وإن أخفى بعضُها وجهه المافيوزي بواجهة سياسية مهترئة وخرج بعضها الآخر بوجه مافيوزي سافر يطمح إلى أن يظفر بصفة "سجين سياسي"، عند إيقافه بتهم حق عام كالتهرّب الضريبي وتبييض الأموال.
وأمّا أصدقاؤنا فيبدو أنّهم استقرّوا عند دور المعلّق على الأحداث والذي يجد صعوبات في تثبيت تصوره وجرّ المشهد، ولو تدريجيا، نحو الفرز الأصلي.
تعيش التجربة أحرج المنعرجات وتنفتح على مآل غير مريح، فبعد أن جرت الانتخابات التأسيسية في شروط المنظومة، دارت انتخابات 2014 بشروط المال الفاسد. وتتجه انتخابات 2019 إلى أن تتمّ بشروط المافيا( بلطجة سافرة وعربدة مفيوزية وخروقات للقانون بالجملة واستهداف الدولة) …كل ذلك تحت سقف دستور الثورة الأخرس وفي إطار النظام السياسي الذي بنته الثورة ومنظومة الديمقراطية التي أقامت.