هزيمة "عيش تونسي" المدوية هي في حقيقتها هزيمة لعمليّة تحيّل رخيصة قامت على انتهاك معطيات الناس الشخصيّة، وترذيل عمل الأحزاب وضرب دورها الأساسي في بناء الديمقراطية في سياق سياسي هش بدا مفصولا عن كل خلق.
وهي من ناحية أخرى هزيمة لعملية "سطو مخابراتي" فاشلة بذل فيها مال غزير لا يُفصِح عن مصدره، ولا يجد تصديا من المؤسسات المعنية.
أما هزيمة "مافيوزي المقرونة"، فهي في الطريق، رغم نجاحه في التحيّل على "ذوي الحاجات الخاصة" المتروكين من الدولة ومن ناسهم وأهلهم الحقيقيين. ولكنه نجاح سيذوب مع أوّل خيوط نور يومنا الجديد. وسيكون مصير من تحلقوا حول مائدته أشنع من مصير نداء الباجي، فالحرية المؤسسة مضادّهم الحيوي...
أما النداء، رحمه الله، فقد مات يوم "فوزه" في 2014، وقُبر يوم العبور ( 6أكتوبر)، بعد جرائم سياسية موصوفة داخل الدولة وبأدواتها. وخلّف شراذم من بقايا "البورقيبية المنحطّة" ( تجمّع بن علي) تمت محاصرتهم انتخابيا.
وترك النداء المقبور ملامح فكرة تُعلن أنّ مشروعيتها في الاعتراف بالثورة و"دمقرطة البورقيبية". وهذا كاف ليخرجها، تدريجيا، عن طبيعتها، وقد يسمح لها بأن تكون، إلى حين، جزءا مساعدا في معادلة المشهد السياسي، شرط الالتزام بمهام المرحلة القادمة وأولويتها ترسيخ الديمقراطية ومحاربة الفقر والفاسدين والمافيا واستجماع أسباب السيادة واستقلال القرار.