ويرفعون صيحات الفزع ونداءات الاستغاثة ويمارسون اللطميّات على شاشات القنوات ... وينعتون بكلّ صفاقة ووقاحة فئات من النّاخبين بالأميّين والجهلة والقطيع والحيوانات لتفسير ظاهرة سوسيوثقافيّة يعجزون عن تفسيرها بسبب ما لديهم من عوائق نفسيّة وذهنيّة وابستمولوجيّة ...
ويتناسون أنّهم هم أنفسهم من ساهموا بشكل مباشر في رفع أسهم التيّار المحافظ الذي يخشى على الهويّة بخطابهم العدائي المتشنّج المتعالي الذي يستهتر بهويّة الشّعب وثقافته وبتسميمهم للمناخات السياسيّة وبما يصدر عنهم من اصناف الوصم والقصف والإرهاب الفكري والتّحريض على فئات من التّونسيين .
هؤلاء يتحمّلون قسطا من المسؤوليّة على تصعيد النّزعة المحافظة وترسيخها في الواقع وتجذيرها في وعي قطاع واسع من التّونسيين ووجدانهم …
هؤلاء جزء من ميكانيزمات الظّاهرة التي تمدّها بالطّاقة والشّرعيّة ورأسمال الضحيّة وترسّخ لديها ثقافة المظلوميّة ... هؤلاء هم المنصّات والرّافعات التي تغذّي الظّاهرة وتلمّ شتاتها لتستنفر في الانتخابات تحت عنوان الهويّة المستهدفة ...
في كلّ الحالات خروج التيّار المحافظ من حال الانفعال إلى اختبار الفعل المدني سينضّج من لديه قابليّة للتنضيج والترشيد ويطوّر وعيه برهانات الواقع وتحدّياته وهذا في حدّ ذاته رصيد للبلد.