نعم كنت من الداعين للمقاطعة بما أنّني لم أجد من يمثّلني حقّا و لكن للضرورة أحكام . فالمشهد الحالي يحتّم علينا اتخاذ موقف و محاولة الخروج من المأزق الذي يعترضنا. نعم أنا حقوقية و تعنيني الحريات الفردية و تعنيني المساواة الحقيقية و الفعلية و في كافة المجالات بالضبط كما تعنيني الحرية و الكرامة و الحق في التشغيل و العدالة الاجتماعية .
نعم أنا ضدّ الظلامية و التشدّد الديني و لازلت أعيش تحت وطأة تهديد المتطرفين الى اليوم . و لكنني أيضا ضدّ الفساد و حكم المافيات و الفاسدين . في الأيام الفارطة خيّرت الصمت لمتابعة المشهد و لتفادي اطلاق أحكام مسبقة و متسرعة . و لكن اليوم أجدني مضطرة للادلاء برأيي و هذا طبعا مجرّد رأي شخصي لمواطنة عادية لا تدّعي أنّها خبيرة أو مناضلة أو غيره و كلّ ما أفعله هو التعبير عن رأيي كما يفعل الجميع.
اليوم أراني أساند مترشحا نعته البعض بالداعشي و رأى البعض أنّه يمثّل خطرا على الحداثة و التفتّح و مكتسباتنا في مجال الحريات . لم أكن يوما من مسانديه المقربين و لكنني عرفت بعضا منهم في اعتصام القصبة و تطورت علاقتنا و عايشتهم و لم ألحظ تطرفا في أقوالهم وأفعالهم . جمعتنا محطات مختلفة في اعتصام القصبة و في مظاهرات ضد نظام الترويكا و ضد النهضة و الاسلاميين . جمعتنا محكات انسانية ايضا و لا أعتقد أنّهم حادوا عن طريقهم و ارتموا في احضان المتطرفين ...لم أر يوما أحدهم يتخابر مع جهات مشبوهة.
و كما أقول دائما عندما يتعلق الأمر بالحريات يمكننا خوض معارك في الشارع من أجل افتكاكها و قد عشنا ذلك من 2011 الى 2014 و حتى بعد . و هنا سيقول البعض لقد دفعنا الثمن غاليا و سقط العديد من الشهداء و هنا سأقول رحمهم الله جميعا و لكن للحرية ثمن يجب أن يدفع .
أتحدّث الآن عن المترشّح الثاني و لكن قبل ذلك أعتذر لأنّني تطوّعت يوما للعمل في قناته ( نعم تطوعت لأنّني لم أتلّق مليما واحدا من قناة نسمة بل و كنت أقوم بتوير ريبرتاجاتي بألة تصوير شخصية يعرفها جميع من رأوني خلال المظاهرات و التحركات و كنت أتكبد عناء شراء ملابس جديدة لطل حلقة و اتكلد مصاريف التنقل ). أعتذر لأنّني وقتها كنت من السذاجة ما جعلني أصدّق من وثقت بها و أقنعتني بالعمل هناك من أجل مقاومة الظلامية و التشدد و اعلاء صوت الحق و المحافظة على حرية التعبير . و قد كنت أقدّم فقرة سيبونا و هي فقرة حاولت من خلالها تسليط الضوء على محاكمات شباب الثورة على خلفية آرائهم السياسية و آرائهم بصفة عامّة .
أعتذر رغم أنّني لم أحد يوما على مبادئي و لم أخض في مواضيع لا تتماشى مع قناعاتي و حاولت مساعدة العديد من المظلومين و استقلت عندما استحال العمل هناك بعد أن بدأت الحملات الانتخابية لفائدة نداء تونس و المرحوم الباجي قايد السبسي و بعد ان التحق برهان بسيس بالقناة . نعم أعتذر على سذاجتي و اعتقادي وقتها أنّ الرجل كان يرغب حقا في مواجهة الظلامية و التطرف الديني .
و قد سمحت لي تلك التجربة ان اعرف ذاك المترشح و لو قليلا . و لذا أرى أنّه يمثّل خطرا حقيقيا على تونس . هو نرجسي حد النخاع و هو مقتنع أنّه بامكانه شراء كل شيء بماله و جاهه . ما نشر من تسريبات بصوته مخيف و مفزع فهو لا يحترم مؤسسات الدولة و لا شعبها . هذا بالاضافة الى عدم ايمانه بالحريات و عدم احترامه للمرأة فمن تسول له نفسه تشويه سمعة امراة فقط لانتمائها لمجموعة تكشف فساده لا يمكن ان يكون في صف الحريات و المساواة و الحداثة . ما نشر بصوته يذكرني بممارسات البوليس السياسي وقت بن علي و لا أرى في الأمر غرابة فهو " بوه الحنين" .
الفساد نخر البلاد و الدولة و قد حان الأوان لاقتلاعه و لن يحدث ذلك بانتخاب مترشّح ينظّر للفساد و يمارسه و يتفاخر بيه.
ان لجوء هذا المترشح الى استعمال اساليب بالية استعملها النظام السابق من خلال صندوق 26 26 من تبرعات بسيطة تبدو للحاصلين عليها ككنوز و عرض كل ذلك على قناة تلفزية لمقرف . كما أنّ مسالة التعامل مع صهيوني ( و ان لم تتضح جميع معالمها بعد) مدعاة أخرى للقرف .
كلّ هذه الأمور جعلتني أقرّر الانتخاب فأنا لا أودّ المشاركة في جريمة بحقّ وطني .