وهي صورة نمطية للمسؤول التونسي...تقريبا وبدون وعي نلاحظ الأغلبية تحافظ على هذا التقليد العفوي... اتذكر ان احد الدبلوماسيين الغربيين وفي دردشة قبل الثورة استغرب من ذلك.. معتبرا انه مظهرا من مظاهر الانغلاق... وعدم الاريحية في التعبير…
ولقد لاحظت ان الرئيس يحافظ على هذا التقليد.. فيما انقسم ضيوفه إلى صنفين:
صنف يتقيد بذلك وهم كبار المسؤولين في الدولة وخاصة القدماء...
وصنف يتصرف بشكل أكثر اريحية وأحيانا أكثر من اللازم... ان لم أقل بطريقة فجة vulgaire.. وهم القادمون من بعيد من نقيض السيستام... فتراهم يجلسون بطريقة اعتبرها البعض عجرفة...ونقص في التحضر...وقلة لياقة.
طبعا لن نطلب منهم التقيد بالبرتوكولات الأخرى كارتداء اللباس الداكن... فهذا أمر يتجاوز إمكانياتهم.. ورأيي ان يتخلص رئيس الدولة من هذه العادة الموروثة التي تبدو لي مختزلة لحالة من الانقباض السلوكي.. وعدم الاريحية... في التعامل...وعلى حد ادراكي موروثة عن مزاج استبدادي... حيث يسود الحذر والخوف والارتياب والانضباط المفرط عند حضرة أعلى هرم السلطة…
ولما كان الرئيس تعبيرا عن القطع مع السيستام ومرشح الantisystème ويستبطن التوق إلى التحرر من الرواسب.. فإني انصح مدير البوتوكول وهو صديق ذو كفاءة عالية ومن معدن نفيس وجمعتنا مقاعد الدراسة والعمل.. ان ينصح الرئيس بالتخلي عن هذه العادة...وإطلاق يديه.. خصوصا وأنه من المعروف ان المتوسطيين (سكان البحر المتوسط) انهم يتقنون التعبير بأيديهم....
فضلا عن أن طول قامة الرئيس تساهم لحد الان في ابراز علو كعبه على ضيوفه...(وهو تفصيل مهم... ولنا حادثة بين عبدالناصر و بورقيبة وبن بلة في ذكرى الجلاء ببنزرت بسبب قصر بورقيبة وطول عبدالناصر... مما اضطر بورقيبة ان يصعد على أكتاف عبدالناصر وبن بلة حتى لا يظهر قصيرا أمام شعبه داخل السيارة المكشوفة)..
اما ضيوف الرئيس فلا بأس أن يوصيهم البروتوكول بتجنب بعض وضعيات الجلوس غير اللائقة والغير مقبولة حتى في الأماكن العامة مثل الضيف اللي "حال فحجتو." .. أو رفع اصبع الإبهام في وجه الرئيس أو وضع اليد على كتفه... وما إلى ذلك…
في بعض الأنظمة الملكية في أوروبا لا يدخل ضيف على الملك إلا بعد أن يرتدي زيا خاصا من القصر... وهذا يدخل في باب المحافظة على المقامات... طبعا لا أدعو إلى هذا... لكن ارجو ان يتخلص الرئيس من هذه الصورة النمطية التي لا تعكس صورة الرئيس الجديد في مخيالنا المتجدد من جهة... ولا بأس أن يتعلم الضيوف الجدد الحد الأدنى من البروتوكول من جهة ثانية…
البروتوكول مهم...وليس شكليات ويعكس صورة وخلفية.. قديما نشبت حرب بين تغلب (عمرو بن كلثوم) والمناذرة (عمرو بن هند) بسبب خطأ بروتوكولي في إذن هذا الاخير بتوزيع المشروب بدءا من اليسار عوضا عن اليمين. احتقارا لوالدة عمرو بن كلثوم الجالسة على اليمين .
وعديد المواقف الدبلوماسية اليوم تمرر عبر طريقة السلام و الاستقبال... لمن يفهمها طبعا... في بعض البلدان يدرسون مادة تقنيات الحركة gesticulation منذ الصغر... يعلمون فيها كيفية الوقوف والتعبير و المغادرة والمشي…
طبعا ابدو مثاليا جدا... لكن من يدري... قد تتحسن الأمور قليلا…