بعد إصرار مجلس الشورى على أن يكون الشيخ راشد هو رئيس البرلمان، وأن يكون رئيس الحكومة القادم من الحركة أيضا، فهذا يعني أن الأمور ستتجه واقعيا إلى تسويات ترتبط بصراع الأجنحة داخل النهضة وبموازين القوى خارجها.
ومن المرجح أن يكون الشيخ راشد هو الرئيس القادم لمجلس النواب، لكن حركة النهضة ستقبل بأن يكون من يتولى رئاسة الحكومة من خارجها. ولا ننسى أن الأولوية في تولي المناصب الحكومية هي في القانون الداخلي للنهضة من حق رئيسها- أي الشيخ راشد-، ولا يعني تولي رئاسة مجلس النواب إلا تخلي الحركة واقعيا عن حقها في رئاسة الوزراء رغم موقف مجلس الشورى.
وبصرف النظر عن أن هذا الخيار سيكون انقلابا جديدا على مجلس الشورى، فإن المكتب التنفيذي بقيادة الشيخ سيمرره لسببين: أولا سبب داخلي يتعلق برفض الشيخ ترشيح أي مرشح غير توافقي او لا يقبل التطويع والخضوع لإملاءاته، ولا يقبل أيضا ترشيح شخصية غير موالية له ويقوي حظوظها في خلافته في المؤتمر القادم للحركة سنة 2020.
أما السبب الثاني فهو في علاقة بمطالب رئاسة الحكومة. فالشيخ راشد سيقبل بتعيين شخصية مستقلة من خارج الحركة في رئاسة الحكومة، وسيظهر ذلك وكأنه تنازل للشركاء المحتملين في حركة الشعب والتيار الديمقراطي، ولكنه في الحقيقة سيكون ثمنا معقولا مقابل التوافق على توليه رئاسة مجلس النواب، وهو كذلك طريقة سلسلة للتخلص من أهم منافسيه في الحركة، والرافضين للانقلاب على القانون الداخلي الذي يقضي بتنصيب رئيس جديد للحركة في المؤتمر القادم.
وسيضمن الشيخ راشد بارتفاع سقف توصيات مجلس الشورى ( رئاسة الحكومة ومجلس النواب) أن يتحرك في عملية التفاوض من موقع مريح حزبيا ووطنيا. فالتخلي عن رئاسة الحكومة سيكون مقابل رئاسته لمجلس النواب، ولكنه أيضا سيقصي كل الشخصيات المهددة لزعامته وسيقلل من فرص نجاحها في المؤتمر القادم للحركة في رفض تعديل القانون الداخلي الذي سيمدد للشيخ بفترة أخرى على رأس النهضة.