الذين بذلوا أنفسهم قلبا وجسدا في حماية الاستبداد محافظة على مصالحهم الذين باعوا أنفسهم فتملقوا منظومة الفساد والاستبداد -من كل الفئات وفي مختلف ساحات الفعل السياسي والنقابي والجمعياتي- الذين استبقوا رغباته فساندوا وناشدوا وعملوا مخبرين و "قوادين" و "مبيّضين" و "مدافعين" عنها الذين احكموا طوق سلاسل الفساد وشكلوا حلقاته ثم عملوا ليلا نهارا على تأمين اشتغالها في الخفاء حتى اختلطت بأجهزة الدولة فصار الفساد عصب الدولة عدد منهم لا يزال فاعلا في المشهد وفي مختلف مفاصل الدولة.
هؤلاء يعلمون علم اليقين ان رؤوسهم مطلوبة للمحاسبة وان المحاكمات ستطالهم لا محالة. هؤلاء يسعون قدر جهدهم لترحيل اي حل في تونس ليقينهم ان بداية الحل تمر ضرورة عبر تطهير ممرات وطرقات لهم في كل زاوية منها ومنعطف مصلحة تخفي خطيئة بل خطايا هؤلاء "محكومون من امكان حساسة" بملفات يتم تهديدهم والتلويح بها في وجوههم هؤلاء مطلوب منهم ويطالبون ان يكونوا جزءا من اعادة تشكيل دولة أول مهماتها محاسبتهم اداريا وايضا سياسيا.
في كل عائلة وبين كل طرف مجرمون كانوا حجر زاوية في منظومة حكمت تونس بهم وبنزواتهم وبطمعهم بالفتات الذي كان يسّاقط عليهم بحسب موقعهم والخدمات التي يقدمونها. اسقاط قانون العزل السياسي لم يكن مطلب طرف واحد بل كثيرون في أطراف مختلفة التقت مصالحهم على ضرورة اسقاطه حتى لا تلحقهم شظاياه؟
والمتكفل بإسقاطه بعد مفاوضات وصفت بانها " مثل اتفاقية كامب دافيد "(وصف أحد المشاركين في لقاء باريس الشهير) فرح الى حين وها هو يجني ثمار ما زرع اذ لم يقرأ حسابا للطفيليات التي تنبت على هامش مسار طويل.
ما يحدث اليوم لا يمكن ان يكون فقط وليد سنوات تسع فلا أحد من الرافضين لمنظومة الفساد والاستبداد استطاع دخول مغارة علي بابا حتى الطرف الذي حاول الدخول جعلوه حارسا امينا على الباب ولم يسلموه كلمة السر في انتظار الفخاخ والالغام التي زرعوها حول المغارة وحتى محاولاته البناء على البناء وزرع أعوانه بقصد التحكم والاستفراد بالمغارة عزلته واظهرت انه لا يختلف عن سابقيه من حيث طريقة العمل والرؤى والتصورات.
ما يحدث اليوم يضرب عميقا في بنية تفكير "الفاعل السياسي" وما الارتخاء وسيطرة الكوابيس والخوف من المجهول الا تعبير عن سيطرة شيوخ وعجائز على المشهد السياسي كل امانيهم "حسن الخاتمة" في حين يقصى اجيال تحلم بأن يكون لها غد تعيشه مخالف ليومها.
ما يحدث اليوم ان من يريد بناء غد تونس أحد اثنين: اما فاسد او مرتبط بشبكات فساد تلوح له بملف فساده او مجموعة تعلم انها لن مستقبلها وراءها وكل ما تفعله ان تعالج كل مشكل على حدة عملا بمنطق "دعها حتى تقع" ما يحدث اليوم اننا نعيش في"دولة الخرف السياسي".