الأسماء المقترحة التي تقدمت بها كتابيا الأحزاب والكتل النيابية إلى رئيس الجمهورية من أجل تكليفها برئاسة الحكومة أفرزت بالأرقام، حسب عدد المقاعد البرلمانية لتلك الأحزاب والكتل، شخصية واحدة تستوفي الشرط الأساسي دستوريا لاعتبارها "الشخصية الأقدر" بمعنى القدرة على ضمان الأغلبية المطلوبة لنيل الثقة، وهو الفاضل عبد الكافي.
هذا المرشح ليس بالتأكيد من المحسوبين على الثورة كما أنه المرشح الأبرز منذ أشهر للسيد نبيل القروي (الذي تحوم حوله شبهات جدية بالفساد) وحزبه "قلب تونس" الذي نجحت مناورته "الائتلافية" والالتفافية في سحب البساط من مرشح النهضة في التكليف الحكومي الأول، بعد عدم الاتفاق على وزارتي العدل والداخلية، ليصبح ماسكا بزمام المبادرة مع حلفائه من نفس العائلة السياسية القديمة باستثناء غريمه المباشر يوسف الشاهد وحزبه "تحيا تونس".
أي أنه استطاع أن يضرب عصفورين بحجر واحد وذلك بتغيير "التفاهم الانتهازي" بين التكليف الأول والتكليف الثاني مع التلويح بسيف سحب الثقة المسلط على رئاسة البرلمان العزيزة والثقيلة أكثر من اللازم، وطنيا وحزبيا، على "شيخ النهضة".
ورغم أن الفاضل عبد الكافي ليس المرشح المأمول من كل الذين ينتسبون إلى تطلعات شباب الثورة والفئات والمناطق المهمشة وتغيير المنظومة ومكافحة الفساد، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، فإنه ليس أمام الرئيس قيس سعيد، مع الأسف، إلا واجب احترام الدستور وتطبيقه ( دون تعسف في التأويل لا موجب له وهو المختص في المجال) ولو كان ذلك فوق إرادته ورغبته و اختياراته الذاتية.
إن عدم احترام الدستور أسوأ بما لا يقاس من تكليف رئيس حكومة سيء…
نعم "الشخصية الأقدر " قد تكون سيئة بالنظر إلى ما تختزنه أحزابنا وسياسيونا، الفاعلون منهم والمأمورون، من عيوب ومساوئ. ولكن قد تؤدي الصراعات وانعدام الثقة فيما بينهم إلى أسقاط بعضهم البعض حول توزيع الحقائب الوزارية (دعك من خرافة البرنامج المشترك) بعد شهر واحد ضبطه الدستور لتعود الكلمة الحاسمة حينها فقط الى رئيس الجمهورية.