يوافق يوم 1افريل /نيسان من كلّ عام اليوم العالمي للكذب حيث يمارس الأفراد هواياتهم في الكذب بطريقة مشروعة، فيبتدعون ويبدعون ساكبين ما تجود به قريحتهم من أكاذيب وأراجيف من باب الدّعابة والتّرويح على النّفس وكأنّه يوم للتّنفيس بعد أيّام من الصّدق والإخلاص!
هي عادة تمارس على نطاق واسع تعولمت و تعولبت كما بقيّة عادات أخرى يقول البعض أنّها ذات جذور أوربية في حين يرجعها آخرون إلى الهند و بلاد الرّافدين. كذبة أفريل هذا العام ذات مذاق خاص وحصل شبه اتّفاق على الامتناع عن ممارستها في حين يشعر البعض ويتمنّى أنّ ما يحصل هو فعلا كذبة أفريل بعد الصّدمة أمام ما يجري في هذا العالم المجنون.
ماذا لو قيل لنا أنّ كائنا لا مرئيا سيجيّش الجيوش ويغلق الأجواء ويجبر الإنسان على ملازمة البيوت ويعرّي ضعف إنسان استعلى وتجبّر ليعيده إلى حجمه الطّبيعي في الأوّل من أفريل السّنة الماضية؟ كانت لتكون كذبة أفريل بامتياز بل ان ما نعيشه من تحوّلات عجيبة وغريبة جعلت البعض منّا يظنّ أنّنا في كابوس أو ربّما هي كذبة بل إنّ الكثيرين يميلون إلى أنّ هذا الفيروس والوباء ما هو إلا كذبة وخدعة انخراطا في فكر المؤامرة المنتشر أيضا كالوباء.
تآمر هذا على ذاك أو ذاك على هذا، هو غاز السّيرين و ليس بالفيروس،بل هو فيروس مصطنع تسرّب من مختبراتهم يقول آخرون و يضيف البعض أنّها عمليّة مدبّرة من آلة الرّأسمالية المتوحّشة للتخلّص من كبار السنّ و هي ممارسة للفرز الدّارويني...تتعدّد التّفسيرات و تتابع لتبعدنا عن المطلوب منّا و المقصود .
يقول بيل جيتس و هو المثال النّاجح للمنظومة العالمية و المنتوج الأبرز لها بل و أحد محرّكاتها بأنّ هناك هدفا روحيا من كلّ ما يجري و أنّ ما يعتبره البعض كارثة هو مؤشّر لتحوّل عظيم.فهم بيل جيتس الدّرس كما فهمه آخرون فمتى نفهم نحن الدّرس؟
متى نعي أنّنا في الواحد من أفريل يوم الكذب العالمي كنّا نعيش كذبة كبرى وأنّ كلّ أيّامنا كانت ولازالت هي ممارسة يومية للكذب والخداع والنّميمة والأعمال الكيدية والارتشاء والرّبا والمنكرات والخمول والجمود وكلّ السّلوكيات والمظاهر الاجتماعية المذمومة والّتي تطبّعنا بها فصرنا نعتبرها عادية ومألوفة فصار الطيّب و "المستقيم" صاحب السّلوك القويم شاذا لا يقاس عليه!
فوضى عارمة حافت بحياة الإنسان أفقدته معنى سعيه في عالم فقد عقله وروحه وصار الإنسان فيه مجرّد سلعة ورقما بلا قيمة. كورونا تحمل العديد من الرّسائل والّتي أهمّها ضرورة إعادة تحديد أولويّاتنا وترتيب بيوتنا والبدء في إصلاح ذواتنا، فرصة سانحة يمكن اقتناصها لتصحيح المسار، هي جاءت لتصحّي ضمائرنا وتوقظنا من غفلتنا وهي بمثابة صدمة كهربائية لقلب الإنسانية الّذي توقّف نبضه.
ما قبل كورونا لن يكون كما بعدها هذا مؤكّد وقد لا تكون كارثة أو أزمة كما يصنّفها البعض فنحن نعيش تلك الكارثة والأزمة دون أن نشعر في منظومة عالمية متأزّمة منتجة للكوارث وربّما هي بداية الانفراج والخروج من تلك الأزمة، "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ ".