تخيّل أنّ فريقك الوطني لكرة القدم الّذي يمثّلك ويرفع علم بلدك يخوض مقابلة في دور المجموعات للترشّح الى دور الثّمانية مع فريق آخر لا تهمّه نتيجة المباراة بعد خسارتين متتاليتين وعرض دون المستوى ليدفع في تلك المباراة المحسومة نظريا وعلى الورق بتشكيلته الاحتياطية، سجال كروي لم يلق اهتماما سوى من بعض وسائل الإعلام المحلّية وأخرى أجنبيّة لا علاقة لها بكرة القدم ولا بالشّأن الرّياضي.
كانت كلّ المؤشّرات تخدم لصالح فريقك برغم من الأنباء المسرّبة عن تسيّب و عدم انضباط اللّاعبين و جوّ مشحون و مناوشات بل و خلافات بين عناصر الفريق اخرجت الى العلن، حتّى أنّ بيبو المهاجم المدلّل وصف قلب دفاع الفريق بالخوانجي المتزمّت الّذي لا يعمل في صالح المجموعة و الفريق ليجيب عليه الأخير بأنّه تافه و دون المستوى و لم يكن ليوجد بينهم ضمن قائمة النخبة لولا فرضه من قبل المسؤول الكبير، تلاسن بين اللّاعبين و خصومات و شتائم ظهرت للعلن لتكون عناوين الصّحف الصّادرة و موضوع نقاش و اهتمام الاذاعات و البرامج التلفزيونية و لم يدر بخلد أحد أن يكون لذلك تأثير على مجرى و نتيجة المباراة.
كان التّعادل يكفي و في أقصى الحالات هزيمة بفارق هدف و الجميع كان ينتظر صفّارة الحكم بعد مردود هزيل للفريقين و كأنّها حصّة تمرينية لفرق الأقسام السفلى،الى أن حدثت المفاجأة بكرة مخادعة غيّرت اتّجاهها الرّياح العاصفة لتلج المرمى ليفقد بيبو أعصابه و يلقي باللّائمة على الحارس و قلب الدّفاع فيغتنم المنافس الفرصة و يفتكّ الكرة و يسجّل الهدف الثّاني في الدّقيقة الأخير من وقت بدل الضّائع وسط دهشة الجميع.
ليطلق الحكم صفّارة النّهاية ويحدث ما لم يتوقّعه الأشدّ تشاؤما. كان من الممكن ان يحقّق مرور الفريق إلى الدّور الثّاني بعض المكاسب المادّية هو في أشدّ الحاجة اليها في ظلّ أزمة مالية خانقة و شحّ الموارد، كما كان من المتوقّع أن يدخل فرحة في جمهور يحتاج الى فرحة و لو وهمية،لكنّ اللّاعبين أبوا ذلك
هكذا نحن لا نحتاج لمن يهزمنا بقدرتنا على هزيمة أنفسنا ودوما ما نسجّل الاهداف ضدّ مرمانا ولو في الوقت بدل الضّائع.
لكلّ داء دواء يستطبّ به...الّا الحماقة أعيت من يداويها.