المواقف الذاتية والافكار المسبقة والعلاقات الشخصية واستقدام حروب وصراعات الماضي واستحضار عدوات الأمس وتركيبها على واقع سياسي مختلف زمنيا وجغرافيا تقتل كل امل في تونس
الانتصار للأهواء والرغبة "المتوحشة" في تصفية خصم او خصوم وابعاده عن الساحة او تحييده ثغرة قاتلة في ساحة الفعل السياسي تسرّب منها حملة مباخر الاستبداد ليقايضوا التونسة في ثمن الحرية الباهظ بنتائج الاستبداد فيبررون له ويبرؤونه من كونه السبب في ما وصل اليه المجتمع اليوم.
العجيب ان عملية قتل الموضوعية يشترك فيها الجمع المتخاصمون. وفي سلوكاتهم وتصريحاتهم تظهر "ايديولوجيا شمولية غايتها ليس فقط الحكم والسلطة بل طموحها الحقيقي تعميم مظاهر حياة اجتماعية حسب نموذج واحد أوحد يراد "تطبيع المجتمع وتشكيله على القياس فلا يغادر "القالب الوحيد الضيق" اسلاميا كان او قوميا او يساريا او ليبراليا.
الأعجب ان الفاعلين السياسيين بما يختزنونه من "شمولية" يعلنون ان رفض التواجد في تركيبة حكومية لفترة محدودة زمنيا مع هذا الطرف او ذاك هو حماية للديمقراطية وانتصار لها؟؟؟
هل تحتاج الديمقراطية الى احزاب تفتقر للرسالة المؤسسية لتحميها؟ هل فرض ديمقراطية حسب المقاس تقصي من تشاء وتؤوي من تشاء بحجة حمايتها وحماية الدولة من الخطر يمكن ان يؤدي الى حياة سياسية مزدهرة؟؟
الديمقراطية فقط وحدها قادرة على حماية الديمقراطية. الديمقراطية اول شروطها الاعتراف بالآخر ومنافسته بالبرامج وبالعمل وهما السبيل الوحيد لقطع الطريق على اي مساس بمنجز تحقق ذات شتاء ديسمبري رغما عن كل العالم.