وأخيرا وفي الدقيقة التسعين قبل انقضاء الأجل الدستوري أعلن الوزير الأول المكلف عن تركيبة حكومته في ما سمي بندوة صحفية تأخرت لقرابة الساعة والنصف عن الموعد المعلن وتميز فيها المذكور بضعف اتصالي واضح مثله مثل من كلفه وقد هرب مباشرة بعد الاعلان رافضا مواجهة أسئلة الاعلاميين.
- ومثلما كان متوقعا جاءت تركيبة الحكومة المقترحة توليفة بين أصدقاء فخامته وطلبته وأحد أعضاء تنسيقية حملته الانتخابية في سوسة (من بين الأصدقاء المعينين في وزارة سيادية عضو سابق في المجلس الدستوري للمخلوع) وزملاء حرمه المصون المقربين وهنا لا بد من الاشارة الى وجود عضو من هيئة الانتخابات ضمن الفريق الحكومي فهل تعمد فخامته احداث شغور في الهيئة وهو يعرف صعوبة تعويض ذلك الشغور اذا ما تم منح الثقة لحكومته.
- هل أن تعيين وزير الثقافة كان بغرض بعث رسالة ايجابية لفئة أصحاب الاحتياجات الخصوصية أم لأنه حسبما يتم تداوله تجمعي للنخاع ؟
- خلافا لما تعهد به الوزير الأول المكلف لم تكن الحكومة مصغرة ولم تحذف كتابات الدولة.
- أما عما أسماه بالاستقلالية تماما فحدث ولا حرج فرائحة التجمع تكاد تزكي الأنوف في انتظار مزيد التدقيق في الأسماء والانتماءات ثم وعلى فرض من باب الجدل ليس الا فهل الحكومة المقترحة تحمل مشروعا للبلاد وبرنامجا لإنقاذها ونحن نعيش في وضع كارثي على جميع الأصعدة بل هل أن كل عضو فيها بما في ذلك رئيسها يحمل هم الوطن وله مشروع للبلاد ؟
قطعا لا علما بأن من كان موظفا ساميا أو قاضيا أو محاميا أو أستاذا جامعيا حتى وان كانوا ناجحين وكفاءات في مجالاتهم ليسوا بالضرورة مؤهلين للوزارة ذلك أن الحكومة هي فعل سياسي بما يعنيه ذلك من رسم الاستراتيجيات وتنفيذ لسياسات عمومية بناء على اختيارات وتوجهات فكرية معينة ما يجعل الحديث عن حكومة تكنوقراط مستقلة كذبة كبرى ومغالطة للرأي العام.
- ان التكوين الأكاديمي والشهائد العليا سواء من تونس أو من أكبر الجامعات الأجنبية يصلح لنيل الوظائف في القطاع الخاص أو العام ولكنه ليس مقياسا للنجاح في المجال الحكومي فالوزارة ليست مرفقا عاما اداريا ولا شركة خاصة ولا مدرجا في كلية.
- هل أن من لم يكن له يوما موقف أو رأي أو فكر سيكون قادرا على حل مشاكل البلاد ؟ وهذا ينسحب على الوزير الأول المكلف وعلى من كلفه وعلى الفريق المقترح.
- ربما ستمر هذه الحكومة بتعلة مصلحة البلاد ولكنها لن تصمد أمام الانفجار الاجتماعي القادم لا محالة.
- لا بد أن أعرج هنا على التفاعلات وخاصة ممن يحسبون على النخبة والتي يمكن تلخيصها في الصدمة (وكأن الأمر لم يكن متوقعا) ولكن مع الاستبشار لوجود زميل أو صديق (خلوق ومتواضع وذي كفاءة) ضمن التركيبة الحكومية فكأن هذا الزميل أو الصديق سيصنع الربيع أو ربما لإيجاد موطئ قدم لقضاء أمور خاصة أو قطاعية.
مع الأسف تلك هي (نخبتنا) فالشعب في واد والسلطة و(النخبة) في واد اخر. في الأخير ها أن فخامته يتعرى مرة أخرى فهل بعد هذا السقوط سقوط؟