بعض الملاحظات على الطاير
- عندما تتوجه الى ما يسمى بقصر العدالة سواء في تونس الكبرى أو داخل البلاد وقبل حتى ولوجه تصدمك مظاهر مزرية ومهينة للكرامة البشرية انه منظر عائلات تنتظر جلب أبنائها من مراكز الايقاف أو السجون للمثول أمام النيابة العمومية أو التحقيق أو الدوائر الجزائية عائلات تنتظر تحت لسعات البرد شتاء وحر الشمس صيفا.
انتظار يطول لساعات مما يجعل تلك العائلات ضحية لكل أشكال الابتزاز فوضعيتها الهشة ونفسيتها المنهارة تجعلها لقمة سائغة لكل السماسرة بماسي البشر ويتم ذلك بعلم وعلى مرأى من الجميع وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل أنواع الفساد. ويتواصل هذا المشهد داخل أروقة ما يسمى بقصور العدالة.
- هل من ضمانات المحاكمة العادلة هذا الكم الهائل من الملفات أمام النيابة العمومية أو التحقيق (وخطورة دوره في توجيه القضية) أو الدوائر الجزائية وخاصة الجنائية والتي تصل فيها الأحكام الى الاعدام.
- وهل من ضمانات المحاكمة العادلة كل هذا البطئ في فصل الملفات وتلخيصها ؟ فرغم الحجم المهول للقضايا فليست هناك ارادة حقيقية للاستثمار في العدالة بانتدابات استثنائية.
- لقد كان خيار ما يسمى تعسفا بالدولة الوطنية أن يكون القضاء ضعيفا وعصا النظام مثله مثل البوليس والاعلام لخدمة السلطة الحاكمة ومراكز النفوذ ولوبيات المال والأعمال ولما قامت الثورة كان الأمل في تغيير جذري للمنظومة القضائية ولكن بإجهاض الثورة واستحقاقاتها بقيت المنظومة في العمق على حالها عدا بعض عمليات التجميل والترقيع التي تؤبد الوضع في عمقه ولا تغيره.
- لنقر بأن جهاز القضاء تتجاذبه اليوم الرياح من عديد الأطراف حكما ومعارضة ولوبيات المال والأعمال والكل يريد توظيفه لصالحه مما يصح معه القول بثنائية العدالة عدالة الفقراء منجهة وعدالة المتنفذين من جهة أخرى وواهم من يعتقد أنه يمكن تغيير الحال في ظل مشهد سياسي تحكمه لوبيات الفساد المتواجدة علنا أو سرا في مفاصل الدولة.
- في ظل هذا الوضع البائس لا بد للمحاماة أن تلعب دورها الذي عرفت به منذ نشأتها كمدافع شرس عن الحقوق والحريات وقضايا الشعب ومنها الحق في محاكمة عادلة من قبل قضاء منصف وناجز وهي بهذا المعنى لا تكون الا مضادة للسلطة أما اذا كانت مهادنة لها وتدور في فلكها فقد ضاع الوطن وضاعت قضايا الشعب والمناداة بوجوب اقتصار هياكل المحاماة على مشاغل المحامين في ظل تردي وضعهم على جميع المستويات مجانب للصواب فهذا لا يمنع ذاك اذ أن هذا التردي ممنهج لإضعاف صوت المحاماة وانغماسها فيما تعيشه من مشاكل يومية داخل المحاكم وخارجها .
- لا زالت الطريق طويلة ومحفوفة بالأشواك والانتكاسات لتصبح المحاكم منارات للعدالة ولن يكون ذلك في ظل منظومة حكم فاسدة ورغم ذلك لست متشائمة بل أكره بث الأوهام.
- وطبعا لا يفوتني هنا التعريج على العودة القضائية الحالية في سياق تفشي جائحة الكورونا فلا وجود لما يسمى بالبروتوكول الصحي وهو وضع مماثل لما تمت معاينته عند العودة المدرسية ورسالة الحكومة هنا واضحة وهي (اش يهمني فيكم الي عاش عاش عاش والي مات مات).