رحمة قتلت بعد ان اغتصبت بلا رحمة من قبل مسخ بشري، زومبي متوحّش ولوثة من لوثات هذا الزمن الرّديء المتوّحش. جريمة فظيعة وشنيعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فالمصنع الصّدئ الفاسد مازال ينتج ويبعث بإفرازاته الكريهة النتنة ويصدر لنا الكينونات الهجينة المشوّهة الّتي من وقت لآخر تعرّي لنا واقع ما نعيشه من مأساة وخراب.
اغتصبت العجوز وقتلت واغتصب الطفل وذبح واغتصبت الفتاة ونحرت واغتصبت كلّ قيمنا ودفنت. منذ اسبوع وقعت جريمة مشابهة في المغرب الشّقيق استهدفت طفلا قاصرا اسمه عدنان، اختطف واغتصب ثمّ قتل ودفن بجوار منزله، جريمة رأي عام اهتزّ لها الجميع وطالب الجميع بتنفيذ حكم الإعدام على المجرم. كما في حالة جريمة عين زغوان البشعة، لكن هل يحلّ مجرّد تنفيذ حكم الإعدام الإشكالية وهل ستغيب مثل هذه الجرائم بالرّدع الأقصى والأقوى؟
في بلدان مثل السعودية وإيران والصين وهي الأكثر تنفيذا لأحكام الإعدام لم تخل البتّة من جرائم شبيهة بل وأشنع، والمطالبة بتنفيذ حكم الإعدام او بتشديد العقوبة لن يخلق مجتمعا متخلّقا وخاليا من الجريمة فالتسلّط والقهرية لم تنتج البتّة المجتمعات الفاضلة المرجوة.
اسلخوه...قطّعوه...اقطعوا له عضوه التّناسلي...طبقوا عليه حد الحرابة... اصلبوه...ارجموه حتى الموت...دعوات مختلفة هي مظاهر تنفيس وطريقة للهروب. تنفيس لما نعيشه ونختزنه من منسوب عنف وهروب من معالجة حقيقية لجذور المشكلة.
بعضهم صبّ جام غضبه على حقوق الإنسان وآخرون أرادوا بخبث توجيهها الى جهويّة مقيتة باعتبار أنّ المجرم أصيل القيروان التي كانت ولازالت العين التي تنبع منها قيمنا ومنها كانت النجوم الّتي ما تزال تضيء لنا سماءنا.
قد تتماهى الشّعبوية الّتي نعيشها مع مطالبات العامة وتقتنص الفرصة في هذا التّنفيس الظّرفي والهروب من الاستحقاق الفعلي لمواجهة أزمة أخلاقية قيميّة مستفحلة نواجهها ببعض التّسطيح والتّرقيع. من أنتج هذا المسخ البشري المشوّه المتوتّر العنيف الوحش المتوحّش؟ اليست منظومتنا الفاسدة المفسدة؟
كيف نضرب منظومتنا التّربوية في مقتل ونضرب المدرسة الأولى وهي الأمّ في مقتل ثم نبحث عن منتوج جيّد لمصنع وقع تخريبه وإفساده؟ اين العائلة ودورها؟
من اين اقتنى هذا التّافه مخدّراته ومسكّراته وأيّ مذياع ينصت اليه وأيّ تلفاز يتابعه وأيّ فلم تأثر به؟ من فقّر هذا الكائن مادّيا وروحيّا ومن همّشه وجعله أقرب منه للدّابة، من سلبه إنسانيته وحوّله إلى حيوان؟
" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الآية179من سورة البقرة) هي قاعدة و بند من الحلّ لكن ضمن حزمة من الحلول الأخرى المستعجلة و الأكيدة ،و أوّل ما يجب فعله هو وقفة تأمّل و مراجعة ذاتية و التخلّص من حالة النكران الّتي نعيشها، نحن في حالة مرض شديد و مردّ ذلك أزمتنا القيمية التي تستفحل يوما بعد يوم و تزداد تعقيدا.