أصاب بالقرف كلّما استمعت إلى تعليقات وتحليلات سدنة معبدي "الحدثوت" و "اللّاهوت" من ردود الأفعال الطبيعيّة الصّادرة من جمهور "الغوغاء القاصر الجاهل" تجاه الإساءة إلى عقيدتهم والمسّ بمن يحبّون، تقييمات هي أقرب للتثبيط والتبخيس تصدر من قبل من توهّموا امتلاك الحقيقة ونصّبوا أنفسهم أوصياء على من يعتبرونهم غير مؤهّلين وقصّرا مفتقدين للعقل والشّعور.
كيف لسافرة متبرّجة تنشر صورها المثيرة للفتنة أن تضيف في بروفايلها وسم#الا_رسول_الله أو أن تعبّر عن غضبها نصرة لرسول الرّحمة؟ كيف لمن عرف بلهوه واستهتاره وجهره بالمعصية أن يجهر بحبّه وينتصب مدافعا عن رسول الله؟ كيف لمن لا يتذكّر الرّسول الّا حينما يستفزّه جمال إحداهنّ وهي تهتزّ في مشيتها أمام عينيه، أن يكون صادقا في دفاعه عن رسول الله؟ كيف لجمهور الكرة المخدّر والمجنون أن تكون له نفس حماسة الدّفاع عن فريقه المهووس به في مجابهة الإساءة الى رسول الله؟ كيف لهؤلاء العصاة المثقلين بالذّنوب أن يدّعوا بأنّهم من أنصار الحبيب؟
هو النّفاق والرّياء إذا، يجزم من يعتقد من ظنّوا أنّهم النّاجون والأصفياء! كيف تمّ الحكم بذلك؟ اشققنا على قلوبهم حتّى نمحّص ما بداخلها لنشكّك في صدق نواياهم أو عرضناهم على جهاز كشف الإيمان؟ يقولون كان أولى بكلّ هؤلاء أن يقتدوا بمن يدّعون أنّهم يحبّونه وينصرونه ويتّبعون نهجه ويتّخذونه قدوة، والايمان هو ما وقر في القلب وصدّقته الجوارح، وهو كذلك، لكن كيف السّبيل إلى ذلك وما الأسلوب لتحقيق ذلك؟ أنطرد ضالّا طرق الباب؟ أنقطع الطّريق عمّن وجد نفسه متّجها نحوها ولو مصادفة لنصدٌه عنها وهو لم يقم بأولى الخطوات؟ أنطلب ممٌن علقت به أدران سنين التّيه بأن يتطهّر ونمنع عنه وسائل النّظافة؟ كيف نمنع عن ظمآن رشفة ماء ترويه؟
ربّ معصية يتبعها ندم وانكسار أفضل من طاعة مع استعلاء واستكبار! هي نفحات، وهي لحظات وهي شرارة يمكن أن تقدح لتنير ظلمة النّفس الموحشة في زمن التوحّش والظلّام وقطّاع الطّرق. وقد يكون إدّعاء بالحبّ "الكاذب" والانجذاب بابا للحبّ الصّادق والجذب، فبعض قصص الحبّ الخالدة كانت شرارتها نظرة خاطفة! و لا يكتفي هؤلاء المتنطّعين بالحكم على النّوايا و ما تخفيه الصّدور ليتجاوزوا ذلك إلى التثبيط و إحباط العزائم بزعم أنّ حملة المقاطعة للمنتجات الفرنسية كتعبير سلمي راق عن رفض الاستهانة بالمقدّسات من قبل فرنسا لن يجدي نفعا و لا يغني و لا يسمن من جوع و الأجدى هو السّيف و قطع الرّأس ، حملات تسويف و تشكيك و استهزاء بمجهود جمهور تحفّز لمقاومة ما طال عقيدته من استهزاء، يقوم بها غلاة اليمين بالتنسيق مع غلاة اليسار ممّن أفزعتهم هذه الهبّة العفوية المفاجأة و الانتفاضة الرّوحية لمن اعتقدوا بأنّهم صاروا بلا روح ليكتشفوا أنّ القيم الروحية الّتي بذلوا الجهد لضربها و اقتلاعها هي شجرة أصلها ثابت و فرعها في السّماء و هي قد تثمر حتّى إنّ مرّت بسنين من القحط و العقم
غلاة اليسار لهم نفس النّظرة الفوقية الاستعلائية للعوامّ كما غلاة اليمين، جمهور من القطيع المغيّب والمخدّر المفتقد للقدرة على التفكير والقاصر على عن التمييز وتقرير المصير، ويفسّرون ما يجري بأنّه انفعال عاطفي ظرفي ستنطفأ جذوته مع مرور الوقت وأنّ الصّراع سياسي يؤجّجه الإخوان تجّار الدّين وخلفيته تنافس مصالح بين تركيا وفرنسا، وهو نفس قول محور اللّيكود العربي والجامية ومفتيي السّلاطين وسبحان الّذي جمعهم على كلمة سواء! ختاما لن يحتاج الرّسول صلوات الله عليه وسلامه لمن يدافع عنه بقدر حاجتنا الماسّة لأن نعبّر عن ذلك فمقامه محفوظ ولن تضرّه حماقات الأغبياء، لن يحتاج الرّسول لنصرتنا بقدر احتياجنا له لكي ننتصر على أنفسنا، التعبير عن الاستياء او الاستنكار أو الغضب أو مقاطعة مصدر الإساءة لمن نحبّ هي توجّه وأوّل الخطوات في طريق الحبّ الّذي لو أينعت بذرته واستوى على سوقه فلن يكون إلّا وفق ما يرضي من نحب. إذ كيف نحبّ صدقا ولا نكون كما يكون من نحب.