أسأل راشد الغنوشي الذي ركز في حواره كثيرا على ضرورة إلغاء الأحقاد هل أن الفاسدين سيصلح أمرهم أم سيواصلون استحمار الشعب والاثراء المتواصل على حسابه.. ولما سامحهم صديقهم الباجي هل انتهوا من الفساد ام تواصل الفساد في صفوف هم وهل ان إلغاء الاحقاد من القلوب سيعيد آلاف المليارات المنهوبة الي البلاد التي تحتاج إلى ألف واحدة منها هذه الأيام لتحسين أوضاع الصحة واقتناء بعض تجهيزات التنفس والسكانير والتصوير المغناطيسي ذي الأبعاد الثلاثة…
وفي كلمة… ما كانت سياسة إنهاء الاحقاد مجدية.. فقد تجاوز بورقيبة عن جرائم المتعاونين مع الاستعمار.. فأصبحوا فيما بعد أغني اغنياء البلاد.. وأصبحوا حاكمين في مفاصل الدولة ومتحكمين في مفاصل الاقتصاد..
وتجاوز بن علي فساد بعض المتعاونين مع بورقيبة فأصبحوا هم عصب الدولة وتعاون معهم الفاسدون الجدد مثل الطرابلسية وشيبوب والماطري… وغيرهم.
فإذا ما لم تستعيد الدولة أموال الشعب فإن هذه الدولة فاشلة.. وإذا ما تمسكت النهضة بالتعاون مع الفاسدين فإنها تثبت من جديد انها لم تأت لإصلاح ما أفسده النظام ستين سنة بل جادت لتعوضه في الفساد وتقتسم الغنا م مع الموافقين معها. ويكون نضال الشعب ستين سنة كاملة قد ذهب سدى.. مع الريح…
نعم يجب أن نبث سياسة التسامح بين الأفكار.. وبين الاحزاب وبين الاديان.. وبين المذاهب.. ونشر التسامح مع الآخرين.. والتوافق معهم ثقافيا وفكريا.
أما التسامح مع الفاسدين فلا وألف لا.. فهذا ليس حقدا.. إنما هو التمسك بحق الشعب حتى لا يضيح الحق.. ولا مصالحة بلا محاسبة ولا تسامح دون إعادة المليارات المنهوبة في الحسابات الأجنبية وتونس تحتاج إلى بعضها لإنقاذ ما يمكن انقاذه مع العلم ان المجرمين الذين نهبوا البلاد لن يستفيدوا من الأموال الكثيرة التي هربوها لأنها كثيرة جدا..
ولن يقدروا على استثمارها في الخارج لان القوانين في الدول التي اختفوا فيها أموالهم لا تسمح لهم بالاستثمار فيها ما لم يثبتوا شرعية مصادرها… لان الشكاوي ضد الفاسدين بلغت تلك الدول فأصدرت ما يلزم من قرارات لمنع ما من شأنه نقل هذه الأموال او التصرف فيها قبل ايجاد حلول سياسية مع الدولة المطالبة بها …
وللعلم ان هذه القرارات سينتهي مفعولها قريبا.. وكان يمكن أن تضيع الأموال مها يا لولا اللجنة التي كونها الرئيس قيس التي حينت القضايا ضد الناهبين الذين هربوا ما نهبوه الي الخارج.. لكن هذه اللجنة لم تفعل شيئا ان لم تكن مدعومة بقوانين أتقترحها الحكومة ويوافق عليها البرلمان..
وفي النهاية لا يمكن أن نحكم البلاد بالتسامح مع المجرمين والتجاوز عنهم بدعوى ضرورة انهاء الاحقاد.. فليس بإنهاء الاحقاد تنجح تونس في تجاوز أزمتها العديدة…